الأول من القرن العشرين هي بداية الغزو العسكري الغربي لبلاد الشرق الإسلامي - العربي. ولم يأت هذا الغزو اعتباطاً، وإنما كانت ثمة مؤهلات تحضيرية قد مهدت الطريق أمام جحافل الغزو الأوربي للبلاد الإسلامية، ومن أبرز تلك المؤهلات الضعف والخور الذي انتاب الإمبراطوريتين العثمانية والإيرانية اللتان كانتا تمثلان قطب الرحى التي تدور حولهما دول العالم الإسلامي آنذاك. ففي أواخر عهدها أصبحت الدولة العثمانية جسداً ينخر فيه السوس، نتيجة لضعف الحكام فيها وعجزهم عن إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الولايات الممتدة تحت ظل الإمبراطورية المشيخة. وهذا أدى بدوره إلى تدهور حاد في الوضع الاقتصادي والعمراني بشكل خاص حيث «كانت المجاعات تدور في أطراف البلاد، والجفاف يضرب الأراضي المزروعة فيدعها قاعاً صفصفا، وجيش الفقراء يزداد كل يوم، والبحث عن الخبز لا يواجه إلا بمزيد من المطالبة بالضرائب من أجل تموين الجيش التركي»([46]). ليت الأمر يقف عند هذا الحد، فالاستبداد بلغ ذروته في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، اما الإرهاب والظلم الذي مارسته جمعية «الاتحاد» التركية بحق الشعوب الإسلامية، فحدِّث ولا حرج. فالحكومة التركية أرادت من خلال هذه الجمعية تتريك الولايات الخاضعة تحت النفوذ العثماني، لذلك كانت العنصرية والدعوة إلى القومية التركية أحد أهم سمات تلك الجمعية. التي ومنذ تأسيسها ما انفتأت تعزف على هذا الوتر الحساس