من سيطرة الاستعمار المباشرة بعد سنتين من توليّه الزعامة الدينية والسياسية في المجتمع الإسلامي العراقي. في حين أن دولاً أخرى أبان حملة الاستعمار قد استسلمت لرقاد طويل دام في بعضها زهاء قرن كامل من الزمن. الجهود كلها تظافرت آنذاك للقيام بالثورة العتيدة، شعب ساخط، قائد ملهم، طبقة قيادية ميدانية من علماء الدين وبعض الوطنيين الأحرار، طلائع الأُمة المضحية، جماهير مؤمنة بالقيادة الرشيدة، قرارات حكيمة صادرة عن تلك القيادة، منهج عمل واضح، كل هذه المقومات تظافرت وتوالدت على ضفافها قناديل الأمل نحو الإصلاح والتغيير والانعتاق من كل ظلم وتعسف وعلى مر العصور. تلك القناديل التي تفجّرت مؤخراً في الانتفاضة الشعبانية المباركة، التي قام به الشعب العراقي ضد الاستبداد والعمالة والرجعية بُعيد حرب الخليج الثانية عام 1991م. ولكي لا نطيل في قراءة صفحات المجد الغابر والتباكي على الايام الخوالي، ولكي نستلهم من الصحوة الإسلامية دروس البطولة والفداء والتضحية، ولكي نقف على أهم الروافد الفكرية والثقافية التي كانت تقف وراء تلك الصحوة، إليك - عزيزي القارئ - هذه الدراسة التحليلية عن الظروف التي كانت تكتنف المجتمع الإسلامي آنذاك. وأهم المرتكزات الفكرية التي انطلق ذلك المجتمع وقادته من خلالها، لمكافحة ظاهرة الاستعمار السياسي والعسكري والثقافي. الهجوم الغاشم يمكن اعتبار الفترة الممتدة بين النصف الأول من القرن التاسع عشر والنصف