ـ(326)ـ موادعة أهل الكتاب وإقرارهم على دينهم(1). وكانوا يتنعمون بالحرية الكاملة طيلة عهده والعهود اللاحقة به، ومن مظاهر تجسيد حق الاعتقاد ان ريحانة زوجة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بقيت على ديانتها السابقة فترة ليست بالقصيرة إلى ان أسلمت تأثرا بمفاهيم وقيم الإسلام فلم يكرهها ـ صلى الله عليه وآله ـ على الإسلام وهي في بيته(2). وفي حوار لليهود مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قالوا لـه:(يا محمد... فإنا نأخذ بما في أيدينا، فإنا على الهدى والحق، ولا نؤمن بك ولا نتبعك)(3). وكان ـ صلى الله عليه وآله ـ يدعو أهل الكتاب إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يكرههم على الإسلام على الرغم من امتلاكه للقوة العسكرية، فحينما دعا بعض رؤسائهم إلى الإسلام أجابوه:(بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا اعلم وخيرا منا)(4). وكان المسلمون وكبار الصحابة لا يكرهون حتى عبيدهم على الإسلام فعن يوسف الرومي قال:(كنت مملوكا لعمر بن الخطاب، فكان يقول لي: اسلم فإنك لو أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين، فإني لا استعين على أمانتهم بمن ليس منهم، فأبيت عليه فقال لي: ?لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ?)(5). والشواهد على حرية الاعتقاد عديدة، ومن ذلك مراجعة اليهود والنصارى وغيرهم الخلفاء الراشدين في كثير من القضايا بين حين وآخر، فهذا ان دلّ على ________________________________ 1 ـ السيرة النبوية لابن هشام 2: 147. 2 ـ السيرة النبوية لابن كثير 4: 604. 3 ـ السيرة النبوية لابن هشام 2: 217. 4 ـ المصدر نفسه 2: 200. 5 ـ الدر المنثور 2: 22.