ـ(5)ـ بسم الله الرحمن الرحيم ? إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ?(1) منذ أن أشرقت شمس الإسلام مبددة ظلمة الجاهلية البائدة سطعَ أملٌ أنار آفاق تلك الحياة الداكنة وتسرّب دفؤه في كل خلاياها الميتة، فلف حلم الحرية قلوب العبيد واستنارت أبصارهم بضياء كان لـه في أحداقهم بريق ولمعان خالد. وعمّ نداء التوحيد كل الأصقاع وأخذ يطوي بقاع العالم، وطفق يدعو الأقوام والقبائل المبعثرة المتفرقة للاعتصام بحبل الله المتين، فتكاتفت وتوحَّدت مع بعضها. كلّ ذلك حصل ببركة ميلاد النّور، حامل رسالة التوحيد ونبيّ الوحدة وخاتم المرسلين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله الذي رفع شعار الأُخوّة وأرسى دعائم المودّة بين المجتمعات البشريّة. والآن وقد مرت أكثر من(1400) سنة على تلك الذكرى الرائعة الخالدة ما زال ذلك النداء الأخّاذ يقرّب قلوب المؤمنين من بعضها ويدعوهم ليسلكوا سبيل التحرر والنجاة الذي يكمن في توحيد الكلمة وكلمة التوحيد. ومما يؤسف أن بعض أحداث الماضي قد فرّقت المسلمين شاؤوا أم أبوا، وقام المستكبرون والمستعمرون على الدوام برسم الخطط والمؤامرات المشؤومة ونفّذها عملاؤهم في البلدان الإسلاميّة، للحيلولة دون تبلور الوحدة السياسيّّة للمجتمعات الإسلاميّة وتربّصوا سوءاً بفكرة الوحدة والتقريب وتصدوا لها عبر التركيز على الفِرق والاتّجاهات المصطنعة. بيدَ أن الثورة الإسلاميّة العظيمة في إيران بقيادة الإمام الخميني قدس سره بادرت بلطف الله تعالى إلى إحياء فكرة التقريب بين المذاهب والوحدة السياسيّة للمجتمعات الإسلاميّة من جديد، ومهّدت الطريق لعزّة المؤمنين في العالم من خلال دعوة جميع المسلمين إلى التعاضد والاتّحاد. ________________________________ 1ـ سورة الأنبياء: 92.