ـ(408)ـ إليه من قضايا من زمن التباعد، كما على الآخر أنّ يقبلنا على ما نحن عليه. السنيُّ على ما عنده من عقائد وقواعد وأشخاص وفقه وتطبيق عملي، من غير أنّ يُسخّف أيّ فريق رأي الفريق الآخر، وأن لا يعتبر عدم قَبول الآخر للفهم الذي عنده خروجاً عن الدين، أو موجباً لعداوة بعض من يراهم الطرف الآخر محلّ تعظيم عنده بحقّ، وعلى الشيعي مثل ذلك؛ وهذا الذي عنيته: أنّ نقبل السني على أنه سنيّ لا ناصبيّ، والشيعي على أنه شيعي لا رافضيّ. لأننا نريد أنّ نتعامل مع الواقع الذي أوجد عقائد وقواعد لها خصوصية اتسعت مع الزمان؛ فإذا أراد الشيعي أنّ يبقى على ما وصل إليه رأيه، أو من قلّدهم، وترسخت به قناعته - بقطع النظر عن رأي المخالف لـه بصحّة أدلته - فلا يمكن لنا منعه من ذلك، لأنّنا نريد التعامل مع واقعنا القاضي بضرورة أن يقبل بعضنا بعضاً فيه، مع الكفِّ عن نبش الماضي، ولاسيّما الخلافات التي لم تعد خاصّة بمن هو أولى بالخلافة، وقد ذهب الخلفاء وضاعت الخلافة، ولا نؤاخذه بالتفضيل وقد ذهب الفاضل والمفضول إلى الله سبحانه وبيده ميزان العدل والحقّ، ولا بما عنده من أمر الوصية وانتقالها بالنص من السابق إلى اللاحق، ولا بعصمة تمنع الخطأ، وإمامة لا يحتاج معها الإمام إلى أحد من الخلق بل كلّ الخلق بحاجة إليه، وإمام لباقي الأزمنة والعصور وولاية إنّ غابت عن الواقع فإنها مازالت رحمة للخلق، لا بدّ منها وهي محصورة في شخص معيّن، وزمان مستمر في غيبة كبرى وصغرى، ورجعة تكون للأعداء قهراً، إلى آخر ما عنده من أُمور نذكرها على أنّها ممّا يشاع. ومن يحاول حصر الخلاف في ولاية المتسلّط والغاصب بين المباح والمندوب في مسائل الفقه أو الخلاف اللفظي، أو العادات والأساليب فإنّه يصرف الموضوع عن مساره!