المهم في هذا المضمار هو التنبّه إلى أن المعالم السياحية لا تنحصر في النوع الميت منها، إنّما المعالم التي تزار وهي تعيش حياتها الطبيعية، بل وقد يشاركها السياح هذه الحياة، بمستطاعها أن تكتسب أهمية سياحية مضاعفة. مساجد المسلمين على سبيل المثال؛ يمكن أحياناً أن تغدو متاحف تجمع في أروقتها فنون وصناعات المسلمين في العهود الإسلامية، ويمكن أحياناً أخرى أن تكون محلات إقامة جماعات فذة، فتجتذب إليها سياحاً خاصين بهذه الطريقة. وفيما يتعلق بالمعالم السياحية أيضاً، سيما إذا لم نعتبر هذه العملية مقتصرة على استقبال السياح من البلدان الأجنبية، يتوجب الإلتفات إلى أن وجود المعلم بمعناه المعاصر، لا يعد شرطاً أساسياً للسياحة حسب الرؤية الإسلامية. فالحركة والسفر ذاته يتمتع في التصور الإسلامي بمنزلة خاصة أهمية فائقة. وبالتالي، فإن ما يمكن قوله حول بنية السياحة في بلد مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هو أن هذه البنية ينبغي أن تنهض بلا شك على أساس القواعد التي تم إيضاحها فيما سبق. وإذا تقرر إدغام المؤسسات المشرفة بأشكال شتى على المعالم السياحية في البلاد، فيجب أن لا تستبعد عن هذا الإدغام مؤسسات مشرفة على شؤون الزيارات الداخلية والخارجية مثل منظمة الحج والزيارة، ومؤسسات أخرى تشرف على المعالم غير المألوفة كمنظمة الإعلام الإسلامي أو مركز شؤون المساجد، وكذلك المؤسسات المختصة بعلاقات إيران الثقافية بسائر البلدان نظير رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية. ولكن بما أن مهام هذه المنظمات مختلفة من حيث هي تنفيذية أو إشرافية، مضافاً إلى أن إدغامها جميعاً سيضاعف كثيراً من حجمها بحيث تغدو إدارتها صعبة مستصعبة، يبدو من المناسب فهم الإدغام ضمن حدود التنسيق في رسم السياسات وتنفيذها. ولعل أبرز مظاهر هذا التنسيق، تشكيل قسم ضمن خطط تنمية البلاد يُعنى بشرح منسق للبرامج والسياسات التنفيذية في هذا المضمار. كما يبدو حضور ممثلين لهذه المؤسسة في المجلس الأعلى للسياحة أمراً ضرورياً. كما إن ارتباط هذا المجلس بأعلى مواقع اتخاذ القرار في البلاد، أي القيادة أو مجمع تشخيص مصلحة النظام، من شأنه تحقيق أكبر قدر من التنسيق والتجانس مع سياسيات القطاعات الأخرى في البلاد. ومن حيث ارتباط المنظمة التنفيذية الحكومية للسياحة بالقطاع الثقافي أو الإقتصادي للدولة، يتسنى القول أن المجلس الأعلى للسياحة بتركيبته المذكورة إذا استطاع النهوض بمهمة التخطيط والبرمجة المتناسقة على أتم الوجوه، فإنه سيكون أنسب جهة لضمانة تنفيذ هذه السياسات، بوصفه جهة أعلى من الوزارات ويخضع لإشراف أكبر مسؤول تنفيذي هو