وحسب هذا الأنموذج، قد لا يفخر المسلمون بتراثهم ما قبل الإسلام عند زيارة السياح للأبنية التأريخية السحيقة القدم، بل ينظرون لهذه المعالم بعين الإعتبار، ويبعثون تحياتهم ويبدون اعتزازهم بالمسلمين الذين افضت شجاعتهم وصمودهم لسيادة الإسلام في هذه الربوع. وهكذا كانت نظرة مسؤولي البلاد في مستهل حكومة الجمهورية الإسلامية للقصور المتبقية من العهد البهلوي. وتفسُّح المسلمين في ربوع الطبيعة يثير إلى جانب آثاره المعروفة وغيرها، مشاعر الشكر والإمتنان في نفوسهم، وتعد ممارستهم هذه عبادة بما هي اطلاع على صنع الباري تعالى. وبإمكان تخطيطات مدراء السياحة أن تتخذ لنفسها هذه الوجهة، وهذا ما تجلى في بلدان إسلامية أفقر طبيعة من بلادنا. زيارة المسلمين لبلدنا، وزياراتنا لبلدانهم، ينبغي أن لا تتمحور حول الشعب - الدولة، وحول تفاخر كل جماعة بما في أرضها. وكما قيل، ينبغي أن يلاحظ غير المسلمين عند زيارتهم لبلدنا وعند اتصالهم بالإيرانيين المسلمين في بلدانهم، ثباتنا على ما نعتبره إسلامياً إلى جانب التزامنا بمبادئ الرأفة والرحمة والتمسّك بأصولنا وقيمنا الأخلاقية. وفيما يتصل بالمعالم السياحية، يبدو من المهم الإلتفات إلى جملة نقاط: ثمة في بلادنا العديد من المعالم المتنوعة لاستقطاب السياح. فالتراث الطبيعي من صحار وغابات وجبال مكللة بالثلوج، والتراث والثقافي قبل الإسلام وبعده والتقاليد والمراسيم المختلفة، إلى جانب معالم وجماليات أخرى لا تعد ضمن عملية السياحة المعاصرة، تضع حيال السياح مجموعة جداً منوعة وشيقة من المشاهد السياحية. يختار السياح المناطق التي يحبونها بحسب دوافعهم المتباينة. وبإمكان كل منطقة لما تتمتع به من معالم خاصة، أن تستضيف مجموعة معينة من السياح فقط. وبالجمع بين هذين المبدأين بوسعنا الإستنتاج أنه ينبغي بالنظر للمعالم المتوفرة، وقابلية كل معلم لاجتذاب مجموعة خاصة من السياح، رسم خطط للبلاد بصنوف السياح الذين نريد استضافتهم. فمثلاً؛ هل بوسعنا نظراً لسواحل شمال البلاد، إشاعة سياحة طبيعية وترفيهية تأخذ بعين الإعتبار الضوابط الفقهية والثقافية فيما يخص السياح الغربيين، أم أن الضوابط المذكورة تفرض علينا تطوير هذه المعالم في إطار السياحة الداخلية واجتذاب السياح من البلدان الإسلامية؟ في مثل هذه الحالة بوسع السياحة الخاصة والنوعية أن تكون الخيار الأنسب للسياح الغربيين. وينبغي مراعاة هذه النقطة فيما يتعلق بمختلف أنواع المعالم من طبيعية أو ثقافية، وكذلك فيما يرتبط بعودة الأبنية التأريخية لحقبة ما قبل الإسلام أو ما بعده.