[ 52 ] وقال: الحمد لله الذي من علي بك يا مولاي، فلما مضى من شهر رمضان شطره، دخل المسجد يوما فصلى ركعتين، ثم صعد المنبر وخطب خطبة أكثر فيها من الحمد والثناء، ثم التفت إلى ولده الحسن وقال له: يا أبا محمد كم بقي من شهرنا هذا ؟ فقال الحسن (ع): ثلاثة عشر يوما يا أمير المؤمنين، ثم التفت إلى ولده الحسين (ع) وقال له: يا أبا عبد الله كم مضى من شهرنا هذا ؟ فقال الحسين: سبعة عشر ليلة يا أمير المؤمنين، فضرب على لحيته وهي يومئذ بيضاء، فقال: الله أكبر الله أكبر، ليخضبها بدمها إذ انبعث أشقاها، ثم قال (ع): قل ما أصحبكم، قالت أم كلثوم: لما سمعت ذلك من أبي قلت له وكيف ذلك يا أبتاه ؟ قال (ع): رأيت البارحة نبي الله في منامي وهو يمسح الغبار عن وجهي ويقول: يا علي لا عليك وقد قضيت ما عليك. وما زال ابن ملجم يتربص به الغفلة، وينتهز فيه الفرص، ويصلح سيفه ويكرر صقله ويسقيه، فدخل يوما بيته فأخذته الملعونة قطام وأخرجته من جفنه تنظر إليه وإلى حسن صقله، فقالت: إني أريد أن أسقيه سما نقيعا عندي، فقال ابن ملجم: إنه لا حاجة له في السم، وهو لو وقع على حجر ابرأه شطرين، فقالت: لابد له من السم، لان عليا ليس كمن لاقيت من الشجعان، فما زالت تصفه وتعظمه في عينه بكلام يغيظه ليجهد نفسه في قتله، فأخذه بعدما عملت فيه ما شاءت من السم، وخرج إلى السوق ومر على الامام (ع) وهو عند ميثم التمار، فسلم عليه بخشوع النفاق وخضوع الملاق، فجعل أمير المؤمنين يطيل النظر إليه، ويرسل الفكر فيما عزم عليه، فقال: يا ميثم هذا قاتلي لا محالة، فقال: ومتى يكون ذلك يا سيدي ؟ فقال (ع): (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (1) وإذا نزل القضاء فلا مردله، وكفى بالاجل حارسا، ثم استرجع وحولق وذكر رسول الله (ص) وقال: ________________________________________ (1) سورة الرعد، الآية: 36. (*) ________________________________________