[ 42 ] عليه. ودعى أمير المؤمنين قنبرا وقال له: قل لابني محمد وعبد الله بن جعفر ليحملا إذا أنا حملت، وقال لكميل بن زياد قل لسليمان بن صرد ليحمل إذا أنا حملت، فحمل (ع) وحملوا معه، وازدحم الناس بعضهم ببعض وجثوا على الركب، وكسفت الشمس، وثار الغبار، وأظلمت الدنيا، وظلت الالوية، وفقدت الرايات، ومر مواقيت الصلاة، وصاروا لا يسجدون إلا تكبيرا، ولا يسمع إلا وقع الحديد على الحديد، حتى تكادموا بالافواه، ونادى القوم في تلك المفازات الله الله يا معشر العرب في الحرمات من النساء والبنات، واتصل الليل بالنهار، فكانت ليلة الهرير، وسمع فيها لامير المؤمنين خمسمائة تكبيرة عدد من قتله بيده، وأصبح أصحاب أمير المؤمنين (ع) والمعركة خلفهم فاقتحموها. فلما رأى ابن العاص أن الحرب عفتهم أشار على معاوية برفع المصاحف على رؤوس الاسنة، وقال: بيننا وبينكم كتاب الله، فامتنع أصحاب أمير المؤمنين عن القتال لما رأوا المصاحف على رؤوس الرماح، فقال لهم أمير المؤمنين: ذرونا نناجزهم، فما هي إلا ساعة فإن الحرب قد عفتهم، فلم يجيبوه، فقال (ع): هذه خدعة، وأنا كتاب الله الناطق، فلم يفعلوا وكتبوا بينهم إمهال إلى شهر رمضان، ثم خدع معاوية ثانية أصحاب أمير المؤمنين (ع) حتى ألجأوه إلى تحكيم الحكمين، فأراد أن ينصب لهم ابن عمه عبد الله بن العباس، فأبى أصحابه وقالوا: إلا أبو موسى الاشعري، فأجاب وهو كاره وجعل معاوية من قبله ابن العاص، وبعث كل بحكمه. فغدر ابن العاص بأبي موسى الاشعري إذ قال: إنا لنخلع عليا ومعاوية، وندع الناس ومن يختارونه، فقام ابن العاص وقال: لقد سمعتم ما قال وإني قد أقررت خلع علي وأثبت صاحبي، وبادر الحصين وضرب أبا موسى الاشعري بعصى كانت في يده، ثم ندم وقال: ليتها كانت السيف، فرجع أمير المؤمنين (ع) مرغوما قد استضعفه قومه، وخرج من طاعته ثمانية آلاف من عباد قومه ونساك خاصته، وكانوا إثنا ________________________________________