[ 19 ] [ كم بين من شك في عقيدته * وبين من قال إنه الله ] فمن نظر في حال ذاته الطاهرة، وصفاته الباهرة، ومناقبه العالية، ومذاهبه الشافية، قضى بسليم عقله من وصمات الجسد إنها نصوص صريحة بمقتضى الحكمة البالغة، إذ عرف رتبة النبوة، وعلم مقام الهادية، وانه نفس رسول الله كما في آية المباهلة. وقد اعترف منهم العلماء ورواه منهم الجمهور، فهو الحقيق بمقامه ورتبته، الهادي من بعده لامته. ففي الطرائف قال: ورواه التغلبي من عدة طرق، فمنها ما رفعه إلى عبابة بن ربعي، قال: بينما عبد الله بن عباس، جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله (ص)، إذ أقبل رجل معتم بعمامة، فقال ابن عباس: سألتك بالله من أنت، فكشف العمامة عن وجهه فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا جندب بن جنادة البدري، أنا أبو ذر الغفاري. سمعت رسول الله بهاتين وإلا صمتا، ورأيته بهاتين وإلا عميتا، وهو يقول علي قائد البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، أما إني صليت مع رسول الله يوما من الايام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: أللهم إني سألت في مسجد نبيك ورسولك محمد فلم يعطني أحد شيئا، وكان على راكعا، فأومى بخنصره الايمن وكان يتختم فيها، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين رسول الله (ص). فلما فرغ من صلاته، رفع النبي رأسه إلى السماء وقال: إن موسى بن عمران سألك وقال: (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به ازري وأشركه في أمري) (1) فأنزلت قرآنا ________________________________________ (1) سورة طه، الآيات: 25 - 32. (*) ________________________________________