[ 400 ] ثم الإمام يقبلها لمن يراه بما يراه ويأخذ الزكاة وهي العشر أو نصف العشر من حاصلها ويقسمها على ثمانية أسهم كما ذكره ثم يأخذ ما قرره على العامل ويصرفه في مصالح المسلمين من أرزاق أعوانه في الدين وما ينوبه من تقوية الإسلام، وتجهيز المجاهدين وسد الثغور وبناء القناطير وأمثال ذلك وليس للإمام منه شئ. قوله (على ما يصالحهم الوالي) متعلق بقوله: متروكة في أيدى من يعمرها وقوله: " على قدر ________________________________________ = الخاص ثابت للناس في الأراضي المفتوحة عنوة بجميع أحكام الملك بحيث يجوز لهم البيع والهبة والوقف وسائر المعاملات ويحرم غصبها وانتزاعها، ويرثها الورثة من مورثهم إلى غير ذلك ولم يرد أحكام الفقه لأرض البحرين والمدينة فقط وليس معنى ملك عامة المسلمين للمفتوحة عنوة ما فهموه من نفى الملك الخاص للأفراد وإنما المعنى كون ملك العامة في طول ملك الأفراد نظير ما يقال: إن أراضي الشام كانت للروم، وأراضي الحيرة للعجم، وأرض الهند لفلان وأراضي مصر لفلان مع أن كل قطعة من القطعات كان ملكا لرجل خاص وهذا اصطلاح معهود بين الناس من أقدم الأزمنة إلى عصرنا هذا، بل قد يكون في قرية واحدة هي ملك لرجل معين دور وأراضي وبساتين لساكني القرية ملكهم في طول ملكه فيكون لصاحب القرية أن يطلب اجرة من أصحاب الدور والبساتين وكذلك لسلطان البلاد أن يطلب خراجا أو مقاسمة بعنوان المالكية العامة، من كل واحد من الملاك الخاصة والملك أنواع تختلف بدليل اختلاف أحكامها فملك الإمام للأنفال يرثه الإمام بعده لا جميع أولاده وملك العامة للطرق النافذة نوع وملك أصحاب الدروب للطرق المنسدة نوع وملك المسلمين للمفتوحة عنوة نوع لا يحل لهم البيع ولا الإرث ويشترك معهم من أسلم بعد الفتح وأما الأفراد المتصرفون في الأراضي فإن لهم حقا خاصا بتصرفهم المجاز يبيعون به الأرض ويهبون ويرثون ويقفون أملاكهم الزراعية على المساجد والفقراء وغيرها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ويبنون المساجد ولا يبطل مسجديته بخراب المسجد أو القرية، وقال ابن إدريس: إنا نبيع ونقف تصرفنا فيها وتحجيرنا، فانظر إلى قوله: نقف تصرفنا ولا يصح الوقف إلا دائما فالتصرف حق دائم ولا يسلب حقهم في تلك الأراضي بانتزاعها قهرا غصبا ولا بزوال الآثار كالبناء والأشجار بل حق التصرف لهم ملك باق لا يزول عنهم إلا بالبيع وأمثاله، وبالجملة هذا الذي عليه المسلمون من صدر الإسلام إلى زماننا من المعاملة مع تلك الأراضي معاملة الأملاك الخاصة واستحقاق الحكومة خراجا بحسب المواضعات أو بالصلح هو الذي كان يراد من ملك العامة الأراضي المفتوحة عنوة بخلاف غير المفتوحة إذ لا يجوز للإمام طلب الخراج منها، نعم لبعض علمائنا قول بأن من زالت آثار مالكيته لأرض وتركها عشر سنين كان للإمام أن ينزعها منه ويفوضها إلى غيره يعمرها وهذا حكم خاص نظير حكم المحتكر لا ينافي ما ذكرنا بل يؤيده إذ يثبث به حق اختصاص للمالك بعد زوال آثاره إلى عشر سنين ولو كان الأمر كما توهمه الملاحدة وأتباعهم الجهلة لزال الملك بمجرد زوال الآثار بل كان للولاة أن يخرجوا البناء ويقلعوا الأشجار فينقطع حق أصحابها قهرا وان عصى مزيل الآثار بفعله وضمن لهم وكذلك كان لهم انتزاع الأراضي المزروعة بعد الحصاد من ملاكها، ولم يكن معنى لوقفها وإرثها فتأمل فيما ذكرنا واستعذ بالله من الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ولا حول ولا قوة إلا بالله. (ش) (*) ________________________________________