[ 13 ] فيهما باحتمالات فاسدة وهمية كاحتمال السحر ونحوه. قوله (فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك) لما أعرضوا عن الحق وأنكروه وأبطلوا استعدادهم الفطري (1) استحقوا سلب اللطف عنهم، فشبه ذلك بالطبع لأنه مانع من دخول الحق في قلوبهم كالطبع، قال الفاضل الاسترآبادي: هذا صريح في أن إضلال الله تعالى بعض عباده من باب المجازاة لا الابتداء كما زعمته الاشاعرة. قوله (ثم اطلق الله لسانهم) أي وفقهم لذلك وهداهم إليه لا لأن ينفعهم به بل لأن يدفع به ضررهم عن أوليائه. قوله (فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه) قال الله تعالى فيما ناجى موسى بن عمران (عليه السلام) " إني أنا الله فوق العباد والعباد دوني وكل لي داخرون، فاتهم نفسك ولا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين ". قوله (فاجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم) المحيا: مفعل من الحياة وهو ضد الموت، أي اجعل حياتهم مثل حياتنا في صرفها إلى طاعاتك والتوصل إلى مرضاتك، واجعل موتهم مثل موتنا في الابتهاج بدخول جنانك والسرور بمشاهدة رضوانك، ويحتمل أن يكون المراد اجعل زمان حياتهم وموتهم مثل زمان حياتنا وموتنا فيما ذكر. قوله (ولا تسلط عليهم عدوا لك) طلب دفع قدرته عنهم ورفع امضاء شوكته منهم. قوله (فتفجعنا بهم) أي فتوجعنا بسبب تسلط العدو عليهم أو فتوجعنا معهم وقد يكنى به عن الهلاك وهو الأنسب هنا بالسياق. ________________________________________ 1 - قوله " وأبطلوا استعدادهم الفطري " تصريح بأن هؤلاء الأقوام ذوو استعداد فطري نحو الخير وليس معنى خلقهم من طينة خبيثة قهرهم على الباطل والشر أو تقريبهم إليهما، وبالجملة قيد الشارح (رحمه الله) كل كلمة يتوهم منها الظلم والجبر بقيد يندفع منه احتمال ذلك. وهنا سؤال وهو أنه ما الفرق بين ما تحقق عقلا ونقلا من اختلاف استعداد أفراد الناس في الفهم والإدراك كما مر في أول الباب، وبين اختلاف فطرتهم في قبول الحق والتوحيد والولاية ؟ قلنا أما الأول فلا يجب ظلما ولا جبرا وكل من له استعداد لشئ يجزي على قدر استعداده، كما لا يعد حرمان الحيوان عن علوم الإنسان ظلما ولا حرمان البليد عن فضائل الفطن جبر بعد أن لكل منهما ثوابا على عمله بقدر استحقاقه، وأما محرومية الملحد والناصب عن التوحيد والولاية بمقتضى الفطرة قهرا ثم عقابه على تلك المحرومية القهرية ظلم ولو فرض محالا أن بعض أفراد الإنسان بمنزلة السباع ليس فيهم فطرة نحو الخير بل مجبولون على الشر ومجبورون عليه التزمنا بنفي التكليف عنهم كالمجانين. (ش) (*) ________________________________________