[ 9 ] إلى زيادة إلا رب العالمين فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الأول قبل كل شئ وهو الآخر على ما لم يزل (و) لا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره، مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة، ومرة لحما ودما، ومرة رفاتا ورميما. وكالبسر الذي يكون مرة بلحا ومرة بسرا ومرة رطبا، ومرة تمرا، فتتبدل عليه الأسماء والصفات والله عز وجل بخلاف ذلك. * الشرح: (أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن فضيل بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل * (هو الأول والآخر) *. قلت: أما الأول فقد عرفناه) وهو أنه قبل كل شئ لأنه مبدأ الجميع (أما الآخر فبين لنا تفسيره ؟ فقال: إنه ليس شئ إلا يبيد) أي يهلك كالمركب الذي يفني بفناء بعض أجزائه أو جميعها (أو يتغير) من حال إلى حال كما أن النفس يتغير من جهل إلى علم ومن علم إلى جهل (أو يدخله التغير والزوال) وفي بعض النسخ الغير وهو - بالكسر - اسم من غيرت الشئ فتغير، وهذا قريب مما في الأصل، وقد يقال: هذه العبارة إشارة إلى العقول المقدسة العالية ودخول التغيرات فيها فإن صفاتها زايدة على ذواتها فقد دخلها التغير وزوال صفاتها عن مرتبة ذواتها (أو ينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة، ومن صفة إلى صفة ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة) كل ذلك معلوم مشاهد في عالم الإمكان (إلا رب العالمين فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة) لا يدخله الهلاك والزوال ولا التغير ولا الانتقال لا بحسب الذات والصفات ولا باعتبار الأمور الخارجة والإضافات، لأن تلك الأمور من لوازم النقصان ولواحق الإمكان وقدس الواجب بالذات متعال عن الاتصاف بتلك الحالات (هو الأول قبل كل شئ وهو الآخر على ما لم يزل) أي على نحو كان في الأزل يعني هويته التي هي وجوده الواجبي باعتبار كونه أولا قبل إيجاد الأشياء هي بعينها هويته باعتبار كونه آخرا بعد فناء الأشياء، ومن غير تغير وتبدل فيها بوجه من الوجوه (لا تختلف عليه الصفات والأسماء) (1) إذ لا يعرض له صفات متعاقبة متضادة ________________________________________ 1 - قوله " لا تختلف عليه الصفات والاسماء " الظاهر المتبادر إلى الأذهان الأول: بمعنى كونه في زمان ليس فيه شئ أصلا مقدما على الممكنات، والآخر: بمعنى كونه في زمان بعد فناء كل شئ وليس الفناء والعدم عند الناس بمعنى النفي الصرف بل بمعنى التبدد والتفرق وتنائر الأجزاء وزوال الهيئة، وأيضا أكثر المسلمين على خلود أهل النار في النار أبدا وعلى خلود أهل الجنة فيها كذلك. قال ابن حزم: الفناء المذكور ليس موجودا البتة في شئ من الجواهر وإنما هو عدم العرض فقط كحمرة الخجل إذا ذهبت عبر عن المعنى المراد بالأخبار عن ذهابها بلفظة الفناء كالغضب نفي ويعقبه رضا ولو شاء الله عزوجل أن يعدم الجواهر لقدر على ذلك ولكنه لم يوجد ذلك إلى الآن ولا جاء به نص فيقف عنده، انتهى. وإذا كان كذلك أشكل الأمر عليهم في تصور معنى الآخر وإطلاقه على الواجب تعالى، ومثله الباقي بعد فناء الأشياء، وحل الإشكال أن آخريته تعالى = (*) ________________________________________