القعر الذي حفره صاحبه ولم يبين جواب الاستحسان فيه والاستحسان الضمان عليهما لأن هلاكه كان بسبب فعلهما فإن الواقع في البئر إنما يهلك عند عمق البئر وإتمام ذلك بفعل الثاني وقد انضم فعله إلى فعل الأول في إتمام شرط الإتلاف فيكون الضمان عليهما ولكنه أخذ بالقياس لأن وجه القياس أقوى فإن التعدي في التسبيب من حين إزالة المسكة عن وجه الأرض وإخراج ذلك الموضع من أن يكون ممرا وإنما حصل ذلك بفعل الأول ولو وسع أحد رأسها فوقع فيها إنسان فمات كان الضمان عليهما نصفين وتأويل هذا أن الثاني وسع ورأسها قليلا على وجه يعلم أن الساقط إنما وضع قدمه في موضع بعضه من حفر الأول بعضه من فعل الثاني فإما إذا وسع رأسها كثيرا على وجه يعلم أنه إنما وضع قدمه في الموضع الذي حفره الثاني فالضمان على الثاني لأن الثاني كالدافع للواقع بما حفر في البئر الذي حفرها الأول والضمان على الدافع وإن علم أن الواقع إنما وضع قدمه فيما حفر الأول خاصة فالضمان على الأول لأنه هو الذي أوجد شرط وقوعه حين أزال المسكة عن الموضع الذي وضع فيه قدمه ولو حفر بئرا في الطريق ثم سدها بطين أو تراب أو جص فجاء آخر فاحتفرها فوقع فيها إنسان فمات كان الضمان على الثاني لأن الأول نسخ فعله لأنه طمها بما تطم به الآبار فعاد ذلك الموضع أرضا كما كان وإنما الثاني هو الحافر للبئر في هذا الموضع ولو سد الأول رأسها واستوثق منها فجاء الآخر فنقض ذلك كان الضمان على الأول لأن فعل الأول ما انتسخ فإنها بئر وإن سد رأسها إلا أنه استتر بما فعل والثاني إنما أظهر فعل الأول فيبقى الضمان على الأول وهذا لأن ما فعله الثاني من فتح رأس البئر غير موجب لهلاكه لولا البئر في ذلك الموضع بخلاف الأول فما فعله الثاني هناك موجب هلاك الواقع في البئر وإن لم يوجد الفعل من الأول أصلا وكذلك إذا جعل فيها طعاما أو متاعا أو ما أشبه ذلك مما لا تسد به الآبار فجاء إنسان واحتمل ذلك ثم وقع فيها إنسان فالضمان على الأول لأن حكم فعله لم ينسخ بما صنع فإن ذلك الموضع بئر وإن جعل فيها الطعام وفعل الأول كان حفر البئر وما بقي اسم البئر في ذلك الموضع بقي حكم فعله فكان الضمان عليه ولو تعقل بحجر فسقط في البئر كان الضمان على واضع الحجر لأنه متعد في إحداث الحجر في الطريق فيصير به كالدافع لمن وقع في البئر بمنزلة ما لو دفعه بيده فإن لم يكن وضع الحجر أحد فإن كان شيء آخر من شفير البئر أو جاء به سيل فالضمان على حافر البئر لأن التعقل بالحجر ها هنا غير صالح لإضافة الحكم إليه حين