المؤمنون بهم بدليل قوله ولا ذو عهد في عهده أي ولا يقتل ذو العهد بالكافر وإنما لا يقتل ذو العهد بالكافر الحربي .
فإن قيل هذا ابتداء أي لا يقتل ذو العهد في مدة عهده .
قلنا ابتداء الواو حقيقة للعطف خصوصا فيما لا يكون مستقلا بنفسه .
فإن قيل قد روي ولا بذي عهد فيفهم منه أن المؤمن لا يقتل بذي العهدة .
قلنا إن ثبتت هذه الرواية فهي محمولة على المستأمن وبه نقول أن المسلم لا يقتل بالمستأمن وكذلك لو اجتمع نفر من المسلمين على قتل ذمي قتلوا به لأنهم في حكم القصاص كالمسلمين .
( وكل قطع من مفصل ففيه القصاص في ذلك الموضع ) لأن المعتبر في القصاص المساواة وفي القطع من المفاصل يمكن اعتبار المساواة فيجب القصاص .
فأما كل قطع لا يكون من مفصل بل يكون بكسر العظم فإنه لا يجب القصاص فيه عندنا .
وفي أحد قولي الشافعي يجب القصاص لأن القصاص مشروع لمعنى الزجر والجناية بغير حق في الغالب إنما تكون بهذه الصفة وقل ما يكون من المفصل فلو قلنا لا يجب القصاص في ذلك أدى إلى إبطال الحكمة .
ولكنا نستدل بقوله عليه السلام لا قصاص في العظم ولأنه لا تتأتى مراعاة المساواة في العظام لأنه لا ينكسر في الموضع الذي بريء كسره وبدون اعتبار المساواة لا يجب القصاص ما خلا السن فالقصاص يجب فيه وقد بيناه ولا تقطع اليسار باليمين ولا اليمين باليسار ولا اليد بالرجل ولا الإبهام بغيرها من الأصابع ولا أصبع من يد بأصبع من الرجل لانعدام المساواة بين هذه الأعضاء فإن فيما هو المقصود بها لا مساواة يعني مقصود منفعة البطش في اليد والعمل بها وبين اليمين واليسرى في ذلك تفاوت .
وكذلك في الخلقة والهيئة يظهر التفاوت بين الإبهام وغيرها من الأصابع وبين اليد والرجل وأصابع اليد وأصابع الرجل فيمتنع جريان القصاص بينهما ولا يقتص من عظم ما خلا السن .
والأصل في جريان القصاص في الأسنان قوله تعالى ! < والسن بالسن > ! 45 وروي أن الربيع عمة أنس بن مالك كسرت سن جارية فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص فقاله أنس بن النضر أو يكسر سن الربيع بسن جارية فرضوا بالأرش فقال عليه السلام إن لله عبادا لو أقسموا عليه لأبرهم منهم أنس بن النضر .
والأصل في جريان القصاص فيما دون النفس اعتبار المماثلة في الفعل وفي المحل أما المأخوذ بالفعل فلأن المماثلة في ضمان العدوان منصوص عليها فيجب اعتبارها في كل ما يتأتى والمتأتى اعتبار المماثلة في هذه الأشياء ويعنى بالمماثلة في المأخوذ بالفعل المساواة في المنفعة والمساواة في البدل لأن التفاوت في المنفعة المقصودة دليل اختلاف الجنس .
وإن