المائتين .
ثم الغنى الذي يثبت به حرمة أخذ الصدقة أن يملك مائتي درهم أو ما يساويها فضلا عن حاجته عندنا .
وقال سفيان الثوري أن يملك خمسين درهما .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى إذا كان صاحب عيال لا تغنيه المائتان جاز صرف الزكاة إليه وإن كان يملك المائتين لقيام حاجته كابن السبيل تصرف إليه الزكاة وإن كان مالكا للمال .
وسفيان رحمه الله تعالى استدل بما روى عن النبي أنه قال من سأل الناس وهو غني عن المسألة جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو خموشا أو كدوشا في وجهه قيل وما الغنى يا رسول الله قال أن يملك خمسين درهما .
وتأويله عندهما في حرمة السؤال والطلب وبه نقول قال لعمر رضي الله تعالى عنه ما أتاك من هذا المال من غير طلب ولا استشراف فخذه فإنه مال الله تعالى يؤتيه من يشاء وذم السؤال لقوله السؤال آخر كسب العبد أي يبقى في ذله إلى يوم القيامة .
وإن كان قادرا على الكسب وليس له عيال ولا مال يجوز صرف الزكاة إليه عندنا .
ولا يجوز عند الشافعي رحمه الله تعالى لقوله لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي .
وتأويله عندنا حرمة الطلب والسؤال .
ألا ترى إلى ما روى عن رسول الله أنه كان يقسم الصدقات فقام إليه رجلان يسألانه فنظر إليهما ورآهما جلدين فقال أما أنه لاحق لكما فيه وإن شئتما أعطيتكما معناه لاحق لكما في السؤال ألا ترى أنه جوز الإعطاء لهما .
وقيل كان الحكم في الابتداء أن حرمة الأخذ كانت متعلقة بقوة البدن ثم انتسخ بملك خمسين ثم انتسخ ذلك واستقر الأمر على ملك النصاب وإنما حملناه على هذا ليكون الناسخ أخف من المنسوخ كما قال الله تعالى ! < نأت بخير منها أو مثلها > ! 106 .
( قال ) ( رجل له على رجل دين فتصدق به على آخر عن زكاة ماله وأمره بقبضه فقبضه أجزأه ) لأنه في القبض وكيله فتعين المقبوض ملكا لصاحب المال فكأنه قبض بنفسه ثم صرف إليه بنية الزكاة فيكون مؤديا العين دون الدين .
( قال ) ( رجل تصدق على رجل بدراهم من ماله عن زكاة مال رجل بغير أمره ثم علم بعد ذلك ورضي به لم يجزه من زكاته ) لأن رضاه في الانتهاء إنما يؤثر فيما كان موقوفا عليه والصدقة عن المتصدق كان تاما غير موقوف فلا يؤثر فيه رضا الآخر به وإن كان تصدق عليه بأمره أجزأه لأنه يصير مستقرضا المال منه إن شرط له الرجوع عليه أو مستوهبا منه إن لم يشترط له ذلك والفقير يكون نائبا عنه في القبض يقبض له أولا ثم لنفسه بخلاف ما إذا انعدم