الله تعالى أن الواجب عليه الصرف إلى من هو فقير عنده وقد فعل فيجوز كما إذا صلى الإنسان إلى جهة بالتحري ثم ظهر الأمر بخلافه وهذا لأن الغنى والفقر لا يوقف عليهما وقد لا يقف الإنسان على غنى نفسه فضلا عن غيره والتكليف إنما يثبت بحسب الوسع بخلاف النص فإنه مما يوقف على حقيقته وكذلك يوقف على نجاسة الماء وطهارته .
وإن تبين أنه دفع إلى أبيه أو ابنه جاز في ظاهر الرواية عندهما .
وذكر بن شجاع رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يجوز .
وجه تلك الرواية أن النسب مما يحكم به ويمكن معرفته حقيقة فيتبين الخطأ بيقين كما لو ظهر أنه عبده أو مكاتبه .
وجه ظاهر الرواية حديث معن بن يزيد رضي الله عنه قال دفع أبي صدقته إلى رجل ليصرفها ويفرقها على المساكين فأعطاني فلما رآه أبي في يدي فقال ما إياك أردت يا بني فقلت ما أنا بالذي أرده عليك فاختصمنا إلى رسول الله فقال يا معن لك ما أخذت ويا يزيد لك ما نويت فقد جوز الصرف إلى الولد عند الاشتباه وكان المعنى فيه وهو أن الصرف إلى الولد قربة بدليل التطوع فأقام النبي الأكثر مما هو مستحق عن المؤدي عند الاشتباه مقام الكمال في حكم الجواز وكذلك إذا تبين أن المدفوع إليه هاشمي فهو على هاتين الروايتين وإن تبين أن المدفوع إليه ذمي فهو على هاتين الروايتين أيضا لأن الكفر يحكم به ويوقف على حقيقته .
وإن تبين أن المدفوع إليه حربي قال في كتاب الزكاة يجوز .
وتأويله أنه إذا كان مستأمنا في دارنا فهو كالذمي .
وأبو يوسف رحمه الله تعالى ذكر في جامع البرامكة عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يجزئه لأن التصدق على الحربي ليس بقربة أصلا فلا يمكن أن يقام مقام ما هو قربة عند الاشتباه .
( قال ) ( ويكره أن يعطي رجلا من الزكاة مائتي درهم إذا لم يكن عليه دين أو له عيال وإن أعطاه جاز ) وعند زفر رحمه الله تعالى لا يجزئه إعطاء المائتين .
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا بأس بإعطاء المائتين إليه إنما يكره أن يعطيه فوق المائتين .
وزفر رحمه الله تعالى يقول غنى المدفوع إليه يقترن بقبضه وذلك مانع من جوازه .
ولكنا نقول الغنى يحصل بالملك وذلك حكم يثبت بعد قبضه فلم يقترن الغنى بالدفع والقبض فلا يمنع الجواز ولكن يعقبه متصلا به فأوجب الكراهة للقرب كمن صلى وبقربه نجاسة جازت الصلاة للوقوف على مكان طاهر وكان مكروها للقرب من النجاسة .
وأبو يوسف يقول جزء من المائتين مستحق لحاجته للحال والباقي دون المائتين فلا تثبت به صفة الغنى إلا أن يعطيه فوق