قال صدقت هو كما قلت فحينئذ قد صرح بكلامه أن مراده التصديق في نسبته إلى الزنى فيكون قاذفا له .
( قال ) ( وإن قال لرجل أشهد أنك زان وقال الآخر وأنا أشهد أيضا لا حد على الآخر ) لأن قوله أشهد كلام محتمل فلا يتحقق به القذف إلا أن يقول أنا أشهد عليه بمثل ما شهدت به فحينئذ يكون قاذفا له .
( قال ) ( وإن قال الرجل لرجل زني فرجك فعليه الحد ) لأن الفرج عبارة عن جميع البدن ولأن الزنى يكون بالفرج بخلاف قوله زنى يدك أو رجلك .
( قال ) ( وإن قال لامرأة يا زانية ثم قال بعد ما قطع كلامه وأنت مستكرهة لم يسقط الحد عنه بخلاف ما لو وصله بكلامه فقال زنيت وأنت مستكرهة ) لأن هذا بيان مغير حكم أول الكلام ومثله يصح موصولا لا مفصولا كالاستثناء .
( قال ) ( وإن قال الرجل لآخر زنيت أنت وفلان معك فهو قاذف للثاني ) لأنه عطف الثاني على الأول والعطف للإشراك في الخبر وقد أكد ذلك بقوله معك .
ألا ترى أنه لو قال لعبده أنت حر وفلان معك عتقا جميعا فإن قال عنيت أن فلانا معك شاهد لم يصدق إلا أن يصرح بذلك لأنه أضمر خبرا آخر للثاني وموجب العطف الاشتراك في الخبر الأول فلا يصدق في إضمار خبر آخر للثاني فلا يسقط به الحد عنه .
( قال ) ( وإن قال لرجل يا ولد الزنى أو يابن الزنى فعليه الحد ) لأنه قذف أمه بهذا اللفظ فإن ولد الزنى من تكون أمه زانية .
وقد بينا أن قذف الميتة يوجب الحد ولولدها أن يطالب بحده إلا أنه يشترط إثبات إحصان الأم وموتها لأنها إذا كانت غير محصنة فلا حد على قاذفها وإذا كانت حية فلا خصومة للولد مع قاذفها .
( قال ) ( وكذلك إن قال لست لأبيك فعليه الحد ) لأنه قذف أمه بهذا فإن الولد من الزنى لا يكون ثابت النسب من أبيه فأما الوطء إذا لم يكن زنا يكون مثبتا للنسب فعرفنا أن بهذا اللفظ قذف أمه فإذا كانت حرة مسلمة فعليه الحد وفي القياس لا حد عليه لأنه يجوز أن لا يكون ثابت النسب من أبيه من غير أن تكون الأم زانية بأن كانت موطوءة بشبهة ولدت في عدة الوطء .
ولكنا تركنا هذا القياس لحديث بن مسعود رضي الله عنه حيث قال لا حد إلا في قذف محصنة أو نفي رجل عن أبيه ولأنها إذا وطئت بالشبهة فولدها يكون ثابت النسب من إنسان وإنما لا يكون الولد ثابت النسب من الأب إذا كانت هي زانية فعرفنا أنه بهذا اللفظ قاذف لأمه .
( قال ) ( وإن قال إنك بن فلان لغير أبيه فعليه الحد إذا كانت هذه اللفظة في حالة المسابة ) لأن مقصوده نفي نسبه من أبيه ونسبة أمه إلى الزنى إذا لم يعرف بين أمه وبين فلان الذي نسبه