منهم لم يحد واحد منهم ) لأنه ارتكب السبب وهو ليس تحت ولاية الإمام وقد بينا أن ولاية الاستيفاء إنما تثبت للإمام إذا ارتكب السبب وهو تحت ولايته وبدون المستوفى لا يجب الحد .
( قال ) ( ولو دخل حربي دارنا بأمان فقذف مسلما لم يحد في قول أبي حنيفة رحمه الله الأول ) لأن المغلب في هذا الحد حق الله تعالى ولأنه ليس للإمام عليه ولاية الاستيفاء حين لم يلتزم شيئا من أحكام الإسلام بدخوله دارنا بأمان ويحد في قوله الآخر وهو قولهما فإن في هذا الحد معنى حق العبد وهو ملتزم حقوق العباد ولأنه بقذف المسلم يستخف به وما أعطي الأمان على أن يستخف بالمسلمين ولهذا يجبر على بيع العبد المسلم فكذلك يحد بقذف المسلم .
( قال ) ( وكل شيء أوجبنا فيه الحد على الأجنبي فإنه إذا قال ذلك لامرأته وهما حران مسلمان فعليهما اللعان ) لأن اللعان موجب قذف الزوج زوجته بالنص وقد بيناه في باب اللعان .
( قال ) ( وإن قال لامرأته زنيت قبل أن أتزوجك لاعنها ) لأنه قاذف لها في الحال بخلاف ما لو قال كنت قذفتك بالزنى قبل أن أتزوجك فإنه يحد لأنه ما صار قاذفا لها بكلامه بعد النكاح وإنما ظهر بكلامه قذف كان قبل النكاح فكأنه ظهر ذلك بالبينة فعليه الحد .
( قال ) ( وإن قال لأجنبية يا زانية فقالت زنيت بك لا حد على الرجل لها وتحد المرأة للرجل ) لأنها صدقته بقولها زنيت فصارت قاذفة للرجل بقولها زنيت بك فعليها الحد له .
( قال ) ( ولو قال ذلك لامرأته فقالت زنيت بك فلا لعان ولا حد ) لأنها صدقته فسقط اللعان بتصديقها ولم تصر قاذفة له لأن فعل المرأة بزوجها لا يكون زنا .
( قال ) ( ولو قالت المرأة لزوجها مبتدئه زنيت بك ثم قذفها الزوج بعد ذلك لم يكن عليه حد ولا لعان ) لوجود الإقرار منها بقولها زنيت .
( قال ) ( رجل قال لآخر يا فاسق يا خبيث أو يا فاجر أو يا بن الفاجر أو يا بن القحبة فلا حد عليه ) لأنه ما نسبه ولا أمه إلى صريح الزنى فالفجور قد يكون بالزنى وغير الزنى والقحبة من يكون منها ذلك الفعل فلا يكون هذا قذفا بصريح الزنى فلو أوجبنا به الحد إنما يوجب بالقياس ولا مدخل للقياس في الحد ولو قال يا آكل الربا أو يا خائن أو يا شارب الخمر لا حد عليه في شيء من ذلك ولكنه عليه التعزير لأنه ارتكب حراما وليس فيه حد مقدر ولأنه ألحقه نوع شين بما نسبه إليه فيجب التعزير لدفع ذلك الشين عنه .
ولو قال يا حمار أو يا ثور أو يا خنزير لم يعزر في شيء من ذلك لأن من عادة العرب إطلاق هذه الألفاظ بمعنى البلادة أو الحرص ولا يريدون به الشتيمة .
ألا ترى أنهم يسمون به فيقال عياض بن حمار وسفيان الثوري ولأن