الحد عن القاذف وعن الثلاثة ) لأن الثابت من إقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة وليس المقصود من إثبات الإقرار هنا إقامة الحد على المقر لأن الإقرار لا يثبت بحجة البينة موجبا للحد وإن كثر الشهود فإنه في الحال منكر ولو سمعنا إقراره ثم رجع عنه لم يقم عليه الحد فكيف يثبت إقراره بالبينة .
ولكن المقصود إسقاط الحد وذلك يثبت مع الشبهات بخلاف ما إذا شهد الشاهدان على زنا المقذوف لأن موجب تلك الشهادة الحد على الزاني إذا تم عدد الشهود فلهذا لا يكون للمثنى شهادة في ذلك .
( قال ) ( ومن قذف الزاني بالزنى فلا حد عليه عندنا ) سواء قذفه بذلك الزنى بعينه أو بزنا آخر أو مبهما .
وحكى عن إبراهيم وبن أبي ليلى رحمهما الله تعالى أنه إن قذفه بغير ذلك الزنى أو بالزنى مبهما فعليه الحد لأن الرمي موجب للحد إلا أن يكون الرامي صادقا وإنما يكون صادقا إذا نسبه إلى ذلك الزنى بعينه ففي ما سوى ذلك فهو كاذب ملحق الشين به .
ولكنا نقول رمى المحصن موجب للحد بالنص قال تعالى ! < والذين يرمون المحصنات > ! 4 والمحصن لا يكون زانيا فقاذف الزاني بالزنى قاذف غير المحصن وهو صادق في نسبته إلى أصل فعل الزنى فلا يكون ملتزما للحد .
( قال ) ( وإذا وطىء الرجل امرأة وطءا حراما فهو على وجهين ) إما إن يكون وطؤه هذا في الملك أو في غير الملك أما في الملك فإن كانت الحرمة بعارض على شرف الزوال لم يسقط به إحصانه كوطء امرأته الحائض والمجوسية أو التي ظاهر منها أو المحرمة أو أمته التي زوجها أو هي في عدة من غيره لأن ملك الحل قائم ببقاء سببه والمحرم هو الاستمتاع وهو نظير وطء امرأته المريضة إذا كانت تستضر بالوطء وهذا لأن مع قيام الملك بالمحل لا يكون الفعل زنا ولا في معناه فأما إذا كانت محرمة عليه على التأبيد كأمته التي هي أخته من الرضاع فإنه يسقط بوطئها إحصانه في ظاهر المذهب .
وذكر الكرخي رحمه الله تعالى أنه لا يسقط به الإحصان لأن حرمة الفعل مع قيام الملك الذي هو مبيح وهو نظير ما سبق .
وجه ظاهر الرواية أن بين الحل والحرمة في المحل منافاة ومن ضرورة ثبوت الحرمة المؤبدة انتفاء الحل فالسبب لا يوجب الحكم إلا في محل قابل له وإذا لم يكن المحل قابلا للحل في حقه لا يثبت ملك الحل فكان فعله في معنى الزنى .
ولو وطىء مكاتبته لم يسقط به إحصانه عندنا .
وعند زفر رحمه الله وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى يسقط لأن المكاتبة غير مملوكة له وطءا بدليل أنه يلزمه العقر بوطئها والوطء في غير الملك يسقط الإحصان ولأن المكاتبة مملوكة له رقا