تعالى يقولان هو كذلك ولكن المقصود هوالمبالغة في الوصف بعلم ذلك الشيء فكأنه قال أنت أكثر الناس علما بالزنى أو أعلم الناس بالزنى وهكذا لا يكون قذفا موجبا للحد ثم نسبه إلى فعل لا يتحقق ذلك منه لأن الزانية هي الموطوءة الممكنة من فعل الزنى والرجل ليس بمحل لذلك فقذفه بهذا اللفظ نظير قذف المجبوب وذلك غير موجب للحد بخلاف ما إذا قال لامرأته يا زاني لأنه نسبها إلى مباشرة فعل الزنى وذلك يتحقق منها بأن تستدخل فرج الرجل في فرجها .
( قال ) ( وإذا ادعى القاذف أن له بينة على تحقيق قوله أجل ما بينه وبين قيام القاضي من مجلسه من غير أن يطلق عنه ) وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى يستأني به ويمهل إلى المجلس الثاني ليحضر شهوده لأن القذف موجب للحد بشرط عجزه عن إقامة أربعة من الشهداء والعجز لا يتحقق إلا بالإمهال .
ألا ترى أن المدعي عليه إذا ادعى دفعا أو طعنا في الشهود يمهل إلى المجلس الثاني ليأتي به فهذا مثله .
وجه ظاهر الرواية أن سبب وجوب الحد ظهر عند القاضي فلا يكون له أن يؤخر الإقامة لما فيه من الضرر على المقذوف بتأخير دفع العار عنه ولكن إلى آخر المجلس لا يكون تأخيرا فلا يتضرر بذلك القدر .
ألا ترى أنه يؤخر إلى أن يحضر الجلاد فلهذا جوزنا له أن يمهله إلى آخر المجلس من غير أن يطلق عنه ولكن يقول له ابعث إلي شهودك .
وذكر بن رستم عن محمد رحمهما الله تعالى إذا لم يكن له من يحضر شهوده أطلق عنه وبعث معه بواحد من شرطه ليرده عليه وهذا لأن كل واحد لا يجد نائبا والقاضي مأمور بالنظر من كل جانب ولكن لم يعتبر هذا في ظاهر الرواية لأنه إذا لم يحضر الشهود بقي ستر العفة على المقذوف وذلك أولى الوجهين .
( قال ) ( ولا يقبل منه أقل من أربعة شهود ) لقوله تعالى ! < ثم لم يأتوا بأربعة شهداء > ! 4 وقال تعالى ! < فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون > ! 13 .
فإن جاء بهم فشهدوا على المقذوف بزنا متقادم درأت الحد عن القاذف استحسانا .
والقياس أن الشهادة على الزنى بعد التقادم لا تكون مقبولة فوجودها كعدمها إلا أنه استحسن فقال إنما لا تقبل الشهادة على الزنى بعد التقادم لتوهم الضغينة وذلك معتبر في منع وجوب الحد على المشهود عليه لا في إسقاط الحد عن القاذف كما لو أقام أربعة من الفساق على صدق مقالته .
وإن جاء بثلاثة فشهدوا عليه بالزنى وقال القاذف أنا رابعهم لم يلتفت إلى كلامه ويقام عليه وعلى الثلاثة الحد لأنه خصم ملتزم للحد فلا يكون شاهدا وبالثلاثة لا تتم الحجة فكانوا قذفة يحدون جميعا .
( قال ) ( وإن شهد رجلان أو رجل وامرأتان على إقرار المقذوف بالزنى يدرأ