الطلب إلا أنه إذا عاد فطلب فحينئذ يقيم الحد لأن عفوه كان لغوا فكأنه لم يخاصم إلى الآن ولو صدقه فيما قال أو قال شهودي شهدوا بالباطل فليس له أن يخاصم في شيء لأنه إذا أكذب شهوده تبطل شهادتهم كالمسروق منه إذا أكذب شهوده وإذا صدقه فقد صار مقرى بالزنى وانعدم به إحصانه وقذف غير المحصن لا يوجب الحد فبإقراره ينعدم السبب الموجب للحد لا إنه يسقط فأما بعفوه لا ينعدم السبب وما أسقطه حق الشرع فكان إسقاطه لغوا لهذا .
( قال ) ( ويستحسن للإمام أن يقول للطالب قبل إقامة البينة أترك هذا وانصرف ) لأن الحد لم يثبت عنده بعد وهذا نوع احتيال منه لدرء الحد وهكذا في السرقة يستحب له أن يقول للمسروق منه اترك دعوى السرقة قبل أن نثبت السرقة بالبينة .
( قال ) ( ولو قذف جماعة في كلمة واحدة أو في كلمات متفرقة لا يقام عليه إلا حد واحد عندنا ) وعند الشافعي إن قذفهم بكلام واحد فكذلك الجواب وإن قذفهم بكلمات متفرقة يحد لكل واحد منهم لأنه حق المقذوف عنده فلا يجري فيه التداخل عند اختلاف السبب وعندنا المغلب فيه حق الله تعالى وهو مشروع للزجر فيجري فيه التداخل كسائر الحدود وكذلك إن حضر بعضهم للخصومة ولم يحضر البعض فأقيم الحد بخصومة من حضر فعلى مذهبه إذا حضر الغائب وخاصم يقام عليه الحد لأجله أيضا وعندنا لا يقام إذا علم أنه قذفه بالزنى قبل إقامة الحد عليه لأن حضور بعضهم للخصومة كحضور جماعتهم وما هو المقصود قد حصل وهو دفع العار عن المقذوف بالحكم بكذب القاذف .
( قال ) ( ولا يقبل في القذف كتاب القاضي إلى القاضي ولا الشهادة على الشهادة ولا شهادة النساء مع الرجال ) لأن موجبه حد يندرىء بالشبهات وتجوز شهادة القاذف بعد ما ضرب بعض الحد إذا كان عدلا لأن رد شهادته من تتمة الحد فلو ثبت قبل كمال الجلد لم يكن متمما للحد ولأن الله تعالى عطف رد الشهادة على الجلدات والمعطوف لا يسبق المعطوف عليه .
( قال ) ( رجل قال لامرأته زنيت مستكرهة أو قال جامعك فلان جماعا حراما أو زنيت وأنت صغيرة لا حد عليه ) لأنه نسبها إلى فعل غير موجب للحد عليها وقد بينا أن وجوب الحد على القاذف بنسبة المقذوف إلى فعل موجب للحد عليه ثم المستكرهة لا فعل لها وقوله جامعك جماعا حراما ليس بصريح بالقذف بالزنى .
وقوله زنيت وأنت صغيرة محال شرعا لأن فعل الصغيرة لا يكون زنا شرعا .
ألا ترى أنها لا تأثم به فهو كقوله زنيت قبل أن تولدي وذلك غير موجب للحد لأن الشين بهذا الكلام يلحق القاذف دون