مقدمة لم يؤلف الإمام أحمد كتابا في الفقه وإنما أخذ أصحابه مذهبه من أقواله وأفعاله وأجوبته وغير ذلك وإذا نقل عن الإمام في مسألة قولان فإن أمكن الجمع في الأصح ولو بحمل عام على خاص ومطلق على مقيد فهما مذهبه وإن تعذر الجمع وعلم التاريخ فمذهبه الثاني لا غير صححه في تصحيح الفروع وغيره وإن جهل التاريخ فمذهبه أقربهما من الأدلة أو قواعد مذهبه ويخص عام كلامه بخاصة في مسألة واحدة في الأصح والمقيس على كلامه مذهبه في الأشهر وقوله لا ينبغي أو لا يصلح أو أستقبحه أو هو قبيح أو لا أراه للتحريم لكن حمل بعضهم لا ينبغي في مواضع من كلامه على الكراهة وقوله أكره أو لا يعجبني أو لا أحبه أو لا أستحسنه للندب قدمه في الرعاية الكبرى والشيخ تقي الدين وقال في آداب المفتي وغيره الأولى النظر إلى القرائن في الكل فإن دلت على وجوب أو تحريم أو ندب أو إباحة أو كراهة حمل قوله عليه سواء تقدمت أو تأخرت أو توسطت قال في تصحيح الفروع وهو الصواب وكلام أحمد يدل على ذلك انتهى فائدة اعلم رحمك الله أن الترجيح إذا اختلف بين الأصحاب إنما يكون ذلك لقوة الدليل من الجانبين وكل واحد ممن قال بتلك المقالة إمام يقتدى به فيجوز تقليده والعمل بقوله ويكون ذلك في الغالب مذهبا لإمامه لأن الخلاف إن كان للإمام أحمد فواضح وإن كان بين الأصحاب فهو مقيس على قواعده وأصوله ونصوصه قاله في الإنصاف