( 40 ) ومع ذلك فهو لا يهمل المعاني حينما يؤكد على الألفاظ بل يريد دلالتها متوازنة متسقة فيقول : " ومع هذا فلا تظن أني أردت إهمال جانب المعاني بحيث يؤتى باللفظ الموصوف بصفات الحسن والملاحة ، كان كصورة حسنة بديعة في حسنها إلا أن صاحبها بليد أحمق ، والمراد أن تكون هذه الألفاظ المشار إليها حسماً لمعنى شريف " (1) . ويؤكد ابن الأثير على المعنى الدلالي بمنظور يقابل المنظور السابق فيقول عند حديثه عن الإيجاز : " والنظر فيه إنما هو إلى المعاني لا إلى الألفاظ ، بحيث تعرى عن أوصافها الحسنة ، بل أعني أن مدار النظر في هذا النوع ، إنما يختص بالمعاني فربّ لفظ قليل يدل على معنى كثير ورب لفظ كثير يدل على معنى قليل " (2). والدقيق المضني عند ابن الأثير أن يعقد المقالة الأولى من كتابه " المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر " للصناعة اللفظية فيبحثها من جميع وجوهها : الشكلية والسمعية والبيانية ويقسم كل ذلك بدقة وشمولية واستيعاب إلى قسمين : ـ القسم الأول في اللفظة المفردة والقسم الثاني في الألفاظ المركبة ويستغرق ذلك أكثر من مئتي صحيفة " (3). وفي جميع هذه البحوث الطائلة نجده يبحث تفصيلات واسعة المداليل ، ولكنه لا ينسى نظريته في دلالة الألفاظ أو المعنى الدلالي عند التراكيب يقول : ـ " واعلم أن تفاوت التفاضل يقع في تركيب الألفاظ أكثر مما يقع في مفرداتها لأن التركيب أعسر وأشق ألا ترى ألفاظ القرآن الكريم ـ من حيث انفرادها ـ يفوق جميع كلامهم ، ويعلو عليه ، وليس ذلك إلا لفضيلة التركيب " (4) . ____________ (1) المصدر نفسه : 1/123. (2) المصدر نفسه : 2/265. (3) المصدر نفسه : 1/210-416. (4) المصدر نفسه : 1/213.