[75] أيديهم ولعنوا بما قالوا ...) ثمّ لكي يبطل هذه العقيدة الفاسدة يقول سبحانه وتعالى (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ...) فلا إِجبار في عمل الله كما أنّه ليس محكوماً بالجبر الطبيعي ولا الجبر التّأريخي، بل أنّ إرادته فوق كل شيء وتعمل في كل شيء. والملفت للنظر هنا أنّ اليهود ذكروا اليد بصيغة المفرد كما جاء في الآية موضوع البحث، لكن الله تعالى من خلال رده عليهم قد ثنّى كلمة اليد فقال: (بل يداه مبسوطتان) وهذا بالإِضافة إِلى كونه تأكيداً للموضوع، هو كناية لطيفة تظهر عظمة جود الله وعفوه، وذلك لأنّ الكرماء جدّاً يهبون ما يشاوؤن للغير بيدين مبسوطتين، أضف إِلى ذلك أنّ ذكر اليدين كناية عن القدرة الكاملة، أو ربّما يكون إِشارة إِلى النعم المادية والمعنوية، أو الدنيوية والأُخروية. ثمّ تشير الآية إِلى أنّ آيات الله التي تفضح أقوال ومعتقدات هؤلاء تجعلهم يوغلون أكثر في صلفهم وعنادهم ويتمادون في طغيانهم وكفرهم بدلا من تأثيرها الايجابي في ردعهم عن السير في نهجهم الخاطيء حيث تقول الآية الكريمة: (وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إِليك من ربك طغياناً وكفراً ...). بعد ذلك تؤكّد الآية على أن صلف هؤلاء وطغيانهم وكفرهم سيجر عليهم الوبال، فينالهم من الله عذاب شديد في هذه الدنيا، من خلال تفشي العداء والحقد فيما بينهم حتى يوم القيامة، فتقول الآية الكريمة: (وألقينا بينهم العدواة والبغضاء إِلى يوم القيامة ...). وقد اختلف المفسّرون في معنى عبارة (العداوة والبغضاء) الواردة في هذه الآية، لكنّنا لو تغاضينا عن الوضع الإِستثنائي غير الدائم الذي يتمتع به اليهود في الوقت الحاضر، ونظرنا إِلى تاريخ حياتهم المقترن بالتشتت والتشرد، لثبت لدينا أنّ هناك عامل واحد لهذا الوضع التّأريخي الخاص لهؤلاء، وهو انعدام الإِتحاد والإِخلاص فيما بينهم على الصعيد العالمي، فلو كان هؤلاء يتمتعون بالوحدة