ذهبا فمن بعدهم ثم إذا كان قد صدر عن أحد منهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد الذين هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققه فكيف في الأمور التي كانوا مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأؤا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل فوزره مغفور في جنب فضائلهم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله وبالأنفس والأموال والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح والنصيحة لخلق الله .
ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله به عليهم من الفضائل والكرامات ورفيع الدرجات في الدنيا والآخرة علم يقينا وعيانا بلا ريب ومرية أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لم يكن ولا يكون مثلهم أبدا وأنهم الصفوة من هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله .
وبالجملة فكل من شهد له منهم رسول الله بالجنة شهدنا له ولا نشهد لأحد غيرهم بل نرجو للمحسن ونخاف على المسيء ونكل علم الخلق إلى خالقه ولا يحكمون بالجنة لأحد بعينه من الموحدين حتى يكون الله تعالى ينزلهم حيث شاء ويقولون أمرهم إلى الله إن شاء عذبهم على المعاصي وإن شاء غفر لهم ويؤمنون بأن الله تعالى يخرج قوما من الموحدين من النار على ما جاءت به الروايات عن رسول الله .
فالزم رحمك الله ما ذكرت لك من كتاب ربك العظيم وسنة نبيك الرؤوف الرحيم ولا تحذ عنه بقول أحد وعمله ولا تبتغي الهدى من غيره ولا تغتر بزخارف المبطلين وانتحالهم واراء المتكلمين وتأويلهم إن الرشد والهدى والفوز