[ 680 ] وفي هذا القول ما فيه. والذي يدل على صحة ما ذهب إليه الشيعة، قوله تعالى: " الطلاق مرتان " (1) ومن المعلوم أنه تعالى لم يرد بذلك الخبر، لأنه لو أراده لكان كذبا، وإنما أراد الأمر، فكأنه قال تعالى: طلقوا مرتين، وجرى مجرى قوله تعالى: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " (2) وكقوله تعالى: " ومن دخله كان آمنا " (3) والمراد بذلك يجب أن يؤمنوه، والمرتان لا تكونان إلا واحدة بعد أخرى، ومن جمع الطلاق في كلمة واحدة، لا يكون مطلقا مرتين، كما أن من أعطى درهمين مرة واحدة، لم يعطهما مرتين. فإن احتج من يذهب إلى أن الطلاق الثلاث يقع وإن كان بدعة بما روي في حديث ابن عمر من أنه قال للنبي عليه السلام: أرأيت لو طلقتها ثلاثا، فقال عليه السلام: إذن عصيت ربك، وبانت منك امرأتك (4). فالذي يبطل ذلك أنه لا تصريح في قوله: " أرأيت لو طلقتها ثلاثا " فإني كنت أفعل ذلك بكلمة واحدة، وحالة واحدة، ويجوز أن يكون مراده إني لو طلقتها ثلاثا في ثلاثة أطهار، تخللها المراجعة، ولا شبهة في أن من طلق امرأته ________________________________________ (1) البقرة: 229. (2) البقرة: 228. (3) آل عمران: 97. (4) سنن النسائي: كتاب الطلاق، باب الرجعة، وفيه: " كان ابن عمر إذا سئل عن رجل طلق امرأته وهي حائص، فيقول: إما أن طلقها واحدة أو اثنتين، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمره أن يراجعها ثم يمسكها حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها، وإما أن طلقها ثلاثا فقد عصيت الله في ما أمرك به من طلاق امرأتك وبانت منك امرأتك ". وأورد مثله في صحيح مسلم، كتاب الطلاق في ذيل ص 340 عن ابن عباس، وفي سنن البيهقي: كتاب الخلع والطلاق، باب الاختيار للزوج، أن لا يطلق إلا واحدة، في حديث عطاء الخراساني، عن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن عمر... إلى أن قال: " فقلت: يا رسول الله أفرأيت لو أني طلقتها ثلاثا كان يحل لي أن أراجعها، قال: كانت تبين منك وتكون معصية " ج 7، ص 330 وأورده في التاج: ج 2، كتاب النكاح والطلاق والعدة. ________________________________________