[ 43 ] لمشرف الدولة البويهي، وكلف مشرف الدولة المرتضى ونظام الحضرتين أبا الحسن الزينبي وقاضي القضاة أبا الحسن بن أبي الشوارب، وجماعة من الشهود والحضور، فأحلفت طائفة من القوم، فظن الخلفة أن التحالف لنية مدخولة في حقه، فبعث من دار الخليفة من منع الباقين بأن يحلفوا، وأنكر على المرتضى والزينبي وقاضي القضاة حضورهم بلا إذن، واستدعوا إلى دار الخلافة، وسرح الطيار، وأظهر عزم الخليفة على الركوب وتأدى ذلك إلى مشرف الدولة وانزعج منه ولم يعرف السبب فيه، فبحث عن ذلك، إذ أنه اتصل بالخليفة هذا التحالف عليه، فترددت الرسائل باستحالة ذلك، وانتهى الأمر إلى أن حلف مشرف الدولة على الطاعة والمخالصة للخليفة... (1). وقد لا يقف الأمر عند هذا الحد من الارتياب والشك الذي يمحوه استكشاف الحال بالاستجواب أو العتاب، بل قد يصل إلى أكثر من ذلك من الأضرار بالأنفس والأموال! أما ما كان يصيب المرتضى من فتن العامة وأمر الطغام، فشئ ليس بالأمر اليسير استقصاؤه، فيحدثنا التاريخ عن استفحال أمر العيارين وكبسهم لدور الناس نهارا، وفي الليل بالمشاعل والموكبيات، وكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره ويستخرجونها منه بالضرب كما يفعل المصادرون ولا يجد المستغيث مغيثا مع القتل والنهب حتى أحرقت " دار المرتضى " على الصراة وقلع هو باقيها وانتقل إلى درب جميل (2). كما نجد قبل ذلك في حوادث سنة 422 أن دار المرتضى تنقب فيخرج منها مرتاعا منزعجا، حتى جاد جيرانه من الأتراك فدافعوا عنه وعن حرمه وأحرقت إحدى سميريتيه على أثر فتن كانت تحدث بين السنة والشيعة (3). وهكذا نجد المرتضى يموج في خضم زاخر من تلك الأحداث والفتن التي لا يبتلى بها إلا رؤساء القوم وعليتهم، هذا إذا باخت آراء الخلفاء، وسفهت أحلام الملوك، وأساء الحاكمون استعمال السلطة، واختل الأمن وأخذ البرئ بذنب المسئ، وسقطت هيبة السلطان لتفريطه في أمور الرعية، وانهمك أرباب المملكة وولاة الأمور باللذات ________________________________________ (2) المنتظم ج 8 حوادث سنة 415. (2) المنتظم ج 8 ص 22. (3) المنتظم 8 / 55. ________________________________________