( 39 ) الفصل الثالث: اجتهادات تجاه النص إنّ آفة الفقه هو التمسّك بالاعتباريات والوجوه الاستحسانية أمام النصّ، فإنّه يضاد مذهب التعبدية، فالمسلم يتعبّد بالنص وإن بلغ ما بلغ ولا يُقدِّم رأيه عليه وهو آية الاستسلام أمام اللّه ورسوله وكتابه وسنته. قال سبحانه: (يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ واتَّقُواْ اللّهَ إنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الحجرات ـ 1). فإنّ تقديم الوجوه الاستحسانية على النص تقدم على اللّه ورسوله ولهذا فقد نهت عنه الآية المباركة. وقد وقف غير واحد من أئمّة التفسير، وغيرهم، على أنّ ظاهر الآية يدلّ على مسح الرجلين لا غسلهما، فافتعلوا أعذاراً لتثبيت رأيهم المسبق. وإنّما التجأوا إلى هذه الاجتهادات، لاَنّهم تبعوا أئمّتهم، بدل اتباعهم للقرآن الكريم، ولولا أنّهم نشأوا على هذه الفكرة منذ نعومة أظفارهم لما اختاروا هذه الاجتهادات حجّة بينهم وبين ربّهم، أمام الكتاب العزيز الحاكم على خلافها. وإليك بيانها: 1. اجتهاد الجصاص: زعم أبو بكر الجصاص (المتوفّـى 370 هـ) انّ آية الوضوء مجملة فلابد من العمل بالاحتياط، وهو الغسل المشتمل على المسح أيضاً، بخلاف المسح فإنّه