( 12 ) أمّا بعد منتصف القرن الاَوّل حيث كثر الدخلاء وهم أجانب عن اللغة، فإنّ السليقة كانت تعوزهم، فكانوا بأمسّ الحاجة إلى وضع علامات ودلالات توَمّن عليهم الخطأ واللّحن وذلك مما دعا أبا الاَسود الدوَلي وتلميذيه: يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم إلى وضع نقاط وعلامات على الحروف (1) يظهر من الروايات الكثيرة أَنّ الاختلاف في كيفيّة الوضوء ظهر في عصر الخليفة عثمان. روى مسلم عن حمران مولى عثمان، قال: أتيت عثمان بن عفان بوضوء فتوضّأ، ثم قال: إنّ ناساً يتحدّثون عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث لا أدري ما هي؟! ألا إنّي رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) توضّأ مثل وضوئي هذا، ثم قال: من توضّأ هكذا، غفر له ما تقدّم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة. (2) وتوَيد ذلك كثرة الروايات البيانيّة لوضوء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) المرويّة عن عثمان، وقد ذكر قسماً منها مسلم في صحيحه (3) وهناك روايات بيانيّة أُخرى عن لسان عثمان لم يذكرها مسلم وإِنّما ذكرها غيره تشير إلى ظهور الاختلاف في كيفيّة وضوء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عصره. وأمّا مصدر الخلاف وسببه فهو اختلافهم في كيفيّة وضوء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فسيوافيك أَنّ لفيفاً من الصحابة نقلوا وضوء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأَنّه مسح رجليه مكان غسلهما، كما أنّ لفيفاً آخر نقلوا انّه (صلى الله عليه وآله وسلم) غسل رجليه، وقد نُقلت عن عثمان كلتا الكيفيتين. ____________ 1.محمد هادي معرفة: التمهيد في علوم القرآن: 1|309 ـ 310، نقل بتصرّف. 2. صحيح مسلم، بشرح النووي: 3|112. 3. نفس المصدر: 3|102 ـ 117.