( 106 ) أقول: قد نقل أيضاً غير واحد أنّ ابن جرير قال بالتخيير بين المسح والغسل، ولكن اللاّئح من عبارته هو الجمع بينهما، فمن أمعن النظر في تفسير ابن جرير يقف على أُمور ثلاثة: الاَوّل: أنّه رجّح قراءة الجرّ على النصب وقال: وأعجب القراءتين إليَّ أن أقرأها قراءة من قرأ ذلك خفضاً، لما وصفت من جمع المسح المعنيين اللّذين وصفت، ولاَنّه بعد قوله: (وامسحوا بروَوسكم) فالعطف على الروَوس مع قربه منه أولى من العطف به على الاَيدي، وقد حيل بينه وبينها بقوله: (وامسحوا بروَوسكم) (1).. الثاني: أنّه يروي روايات المسح بصدر رحب ولا يتضايق كما نقل روايات الغسل. الثالث: أنّه قائل بالجمع بين المسح والغسل، ومراده منه ليس هو التوضوَ مرتين تارة بالغسل وأُخرى بالمسح بالنداوة المتبقّية على اليد، بل بغسلهما باليد ومسح الرجل بها، وإليك نص عبارته قال: "والصواب من القول عندنا في ذلك أَنّ اللّه أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمّم، فإذا فعل ذلك بهما المتوضّـي كان مستحقّاً اسم ماسح غاسل، لاَنّ غسلهما، امرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء، ومسحهما إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليه، فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو غاسل ماسح" (2) والعجب عن عدّة من الباحثين حيث نسبوا إلى الطبري القول بالتخيير، ____________ 1 . الطبري: التفسير: 6|83. 2. الطبري: التفسير: 6|83.