( 105 ) الاَمر ثقيلاً على من يرى الغسل في الوضوء عاد يتمحل لتكذيب تلك الروايات بأنّه لم ينقلها ابن جرير الطبري السنّي وانّما رواها ابن جرير الشيعي، وهي من غرائب الاَُمور كما سيوافيك، وممّن التجأ إلى هذا العذر ابن القيم قائلاً: إنّ حكاية المسح عن ابن جرير غلط بيّـن، فهذه كتبه وتفسيره كلّها تكذّب هذا النقل عنه، وإِنّما دخلت الشبهة، لاَنّ ابن جرير القائل بهذه المقالة رجل آخر من الشيعة يوافقه في اسمه واسم أبيه، وقد رأيت له موَلفات في أُصول مذهب الشيعة وفروعهم (1) وقد تبعه في هذه العثرة الآلوسي في تفسيره، قال: وقد نشر رواة الشيعة هذه الاَكاذيب المختلقة، ورواها بعض أهل السنّة ممن لم يميّز الصحيح والسقيم من الاَخبار بلا تحقّق ولا سند، واتسع الخرق على الراقع، ولعل محمد بن جرير القائل بالتخيير هو محمد بن جرير بن رستم الشيعي صاحب "الاِيضاح للمسترشد في الاِمامة"، لا أبو جعفر محمد بن جرير بن غالب الطبري الشافعي الذي هو من أعلام أهل السنّة، والمذكور في تفسير هذا هو الغسل فقط لا المسح، ولا الجمع، ولا التخيير الذي نسبه الشيعة إليه (2) وممن تنبّه إلى عثرة ابن قيم والآلوسي، صاحبُ المنار حيث أنّه بعد ما نقل عبارة الآلوسي أعقبـه بقوله: "إنّ في كلامـه ـ عفـا اللّه عنــه ـ تحاملاً على الشيعـة وتكذيباً لهم في نقل وجد مثله في كتب أهل السنّة. والظاهر أنّه لم يطّلع على تفسير ابن جرير الطبري" (3) ____________ 1 . ابن القيم: في هامش سنن أبي داود: 1|97 ـ 98. 2. الآلوسي: روح المعاني: 6|77. 3. المنار: 6|233.