وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 528 @ والركوع والسجود والقعود الذي تعبد به ، أو إنما ذكر تعلق المنع بذكر اسم الله تنبيهاً على أنهم منعوا من أيسر الأشياء ، وهو التلفظ باسم الله . فمنعهم لما سواه أولى . وحذف الفاعل هنا اختصاراً ، لأنهم عالم لا يحصون . وجاء تقديم المجرور على المفعول الذي لم يسم فاعله ، لأن المحدث عنه قبل هي مساجد الله ، وهي في اللفظ مذكورة قبل اسم الله ، فناسب تقديم المجرور لذلك . وأضيفت المساجد لله على سبيل التشريف ، كما قال تعالى : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } ، وخصّ بلفظ المسجد ، وإن كان الذي يوقع فيه أفعالاً كثيرة من القيام والركوع والقعود والعكوف . وكل هذا متعبد به ، ولم يقل مقام ولا مركع ولا مقعد ولا معكف ، لأن السجود أعظم الهيئات الدالة على الخضوع والخشوع والطواعية التامة . ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم ) : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) ؟ وهي حالة يلقي فيها الإنسان نفسه للانقياد التام ، ويباشر بأفضل ما فيه وأعلاه ، وهو الوجه ، التراب الذي هو موطىء قدميه . .
قال ابن عطية : وهذه الآية تتناول كل من منع من مسجد إلى يوم القيامة ، أو خرّب مدينة إسلام ، لأنها مساجد ، وإن لم تكن موقوفة ، إذ الأرض كلها مسجد . وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف قيل مساجد الله ؟ وإنما وقع المنع والتخريب على مسجد واحد وهو بيت المقدس ، أو المسجد الحرام ؟ قلت : لا بأس أن يجيء الحكم عامًّا ، وإن كان السبب خاصاً ، كما تقول لمن آذى صالحاً واحداً ، ومن أظلم ممن آذى الصالحين ؟ وكما قال الله عز وجل : { وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } ، والمنزول فيه الأخنس بن شريق . انتهى كلامه . وقال غيره : جمعت لأنها قبلة المساجد كلها ، يعني الكعبة للمسلمين ، وبيت المقدس لغيره . { وَسَعَى فِى خَرَابِهَا } : إما حقيقة ، كتخريب بيت المقدس ، أو مجازاً بانقطاع الذكر فيها ومنع قاصديها منها ، إذ ذلك يؤول بها إلى الخراب . فجعل المنع خراباً ، كما جعل التعاهد بالذكر والصلاة عمارة ، وذلك مجار . وقال المروزي : قال ومن أظلم ليعلم أن قبح الاعتقاد يورث تخريب المساجد ، كما أن حسن الاعتقاد يورث عمارة المساجد . .
{ أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ } : هذه جملة خبرية قالوا تدلّ على ما يقع في المستقبل ، وذلك من معجز القرآن ، إذ هو من الإخبار بالغيب . وفيها بشارة للمؤمنين بعلوّ كلمة الإسلام وقهر من عاداه . إلا خائفين : نصب على الحال ، وهو استثناء مفرّغ من الأحوال . وقرأ أبي : إلا خيفاً ، وهو جمع خائف ، كنائم ونوّم ، ولم يجعلها فاصلة ، فلذلك جمعت جمع التكسير . وإبدال الواو ياء ، إذ الأصل خوّف ، وذلك جائز كقولهم ، في صوم صيم ، وخوفهم : هو ما يلحقهم من الصغار والذل والجزية ، أو من أن يبطش بهم المؤمنون ، أو في المحاكمة ، وهي تتضمن الخوف ، أو ضرباً موجعاً ، لأن النصارى لا يدخلون بيت المقدس إلا خائفين من الضرب ، أقوال . والظاهر أن المعنى : أولئك ما ينبغي لهم أن يدخلوا مساجد الله إلا وهم خائفون من الله وجلون من عقابه . فكيف لهم أن يلتبسوا بمنعها من ذكر الله والسعي في تخريبها ، إذ هي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه { يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاْصَالِ } ؟ وما هذه سبيله ينبغي أن يعظم بذكر الله فيه ، ويسعى في عمارته ، ولا يدخله الإنسان إلا وجلاً خائفاً ، إذ هو بيت الله أمر بالمثول فيه بين يديه للعبادة . ونظير الآية أن يقول : ومن أظلم ممن قتل ولياً لله تعالى ؟ ما كان له أن يلقاه إلا معظماً له مكرّماً أي هذه حالة من يلقى ولياً لله ، لا أن يباشره بالقتل . ففي ذلك تقبيح عظيم على ما وقع منه ، إذ كان ينبغي أن يقع ضده ، وهو التبجيل والتعظيم . ولما لم يقع هذا المعنى الذي ذكرناه للمفسرين ، اختلفوا في الآية على تلك الأقوال التي ذكرناها عنهم . ولو أريد ما ذكروه ، لكان اللفظ : أولئك ما يدخلونها إلا خائفين ، ولم يأت بلفظ : ما كان لهم ، الدالة على نفي الابتغاء . وقيل المعنى : ما كان لهم في حكم الله ، يعني أن الله قد حكم وكتب في اللوح المحفوظ أنه ينصر المؤمنين ويقوّيهم حتى لا يدخل المساجد الكفار إلا خائفين . قال بعض الناس : وفيها دلالة على جواز دخول الكفار المساجد على صفة الخوف ، وليس كما قال ، إذ قد ذكرنا ما دلّ عليه ظاهر الآية . وقيل في قوله : { أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا } : أن لفظه لفظ الخبر ، ومعناه الأمر لنا بأن نخيفهم ، وإنما ذهب إلى ذلك لأن الله تعالى قد أخبر أنهم سيدخلون بيت المقدس على سبيل القهر والغلبة بقوله