وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 527 @ مسجد ، والعموم وإن كان سبب نزوله خاصاً ، فالعبرة به لا بخصوص السبب . .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه جرى ذكر النصارى في قوله : { وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَىْء } ، وجرى ذكر المشركين في قوله : { كَذالِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ } ، وفي أي نزلت منهم كان ذلك مناسباً لذكرها تلي ما قبلها . ومن : استفهام ، وهو مرفوع بالابتداء . وأظلم : أفعل تفضيل ، وهو خبر عن من . ولا يراد بالاستفهام هنا حقيقته ، وإنما هو بمعنى النفي ، كما قال : { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } ؟ أي ما يهلك . ومعنى هذا : لا أحد أظلم ممن منع . وقد تكرر هذا اللفظ في القرآن ، وهذا أول موارده ، وقال تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً } . وقال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ } ؟ { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكّرَ بِئَايِاتِ رَبّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا } ؟ إلى غير ذلك من الآيات . ولما كان هذا الاستفهام معناه النفي كان خبراً ، ولما كان خبراً توهم بعض الناس أنه إذا أخذت هذه الآيات على ظواهرها سبق إلى ذهنه التناقض فيها ، لأنه قال المتأول في هذا : لا أحد أظلم ممن منع مساجد الله ، وقال في أخرى : لا أحد أظلم ممن افترى ، وفي أخرى : لا ؛ أحد أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها . فتأول ذلك على أن خص كل واحد بمعنى صلته ، فكأنه قال : لا أحد من المانعين أظلم ممن منع مساجد الله ، ولا أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله ، وكذلك باقيها . فإذا تخصصت بالصلات زال عنده التناقض . وقال غيره : التخصيص يكون بالنسبة إلى السبق ، لما لم يسبق أحد إلى مثله ، حكم عليهم بأنهم أظلم ممن جاء بعدهم ، سالكاً طريقتهم في ذلك ، وهذا يؤول معناه إلى السبق في المانعية ، أو الافترائية . وهذا كله بعد عن مدلول الكلام ووضعه العربي ، وعجمة في اللسان يتبعها استعجام المعنى . وإنما هذا نفي للأظلمية ، ونفي الأظلمية لا يستدعي نفي الظالمية ، لأن نفي المقيد لا يدل على نفي المطلق . لو قلت : ما في الدار رجل ظريف ، لم يدل ذلك على نفي مطلق رجل ، وإذا لم يدل على نفي الظالمية لم يكن تناقضاً ، لأن فيها إثبات التسوية في الأظلمية . وإذا ثبتت التسوية في الأظلمية لم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر ، لأنهم يتساوون في الأظلمية . وصار المعنى : لا أحد أظلم ممن منع ، وممن افترى ، وممن ذكر . ولا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية . ولا يدل على أن أحد هؤلاء أظلم من الآخر . كما أنك إذا قلت : لا أحد أفقه من زيد وعمرو وخالد ، لا يدل على أن أحدهم أفقه من الآخر ، بل نفي أن يكون أحد أفقه منهم . لا يقال : إن من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ، وسعى في خرابها ، ولم يفتر على الله الكذب ، أقلّ ظلماً ممن جمع بينهما ، فلا يكون مساوياً في الأظلمية ، لأن هذه الآيات كلها إنما هي في الكفار ، فهم متساوون في الأظلمية ، وإن اختلفت طرق الأظلمية . فكلها صائرة إلى الكفر ، فهو شيء واحد لا يمكن فيه الزيادة بالنسبة لأفراد من اتصف به ، وإنما تمكن الزيادة في الظلم بالنسبة لهم ، وللعصاة المؤمنين بجامع ما اشتركوا فيه من المخالفة ، فنقول : الكافر أظلم من المؤمن ، ونقول : لا أحد أظلم من الكافر . ومعناه : أن ظلم الكافر يزيد على ظلم غيره . ومن في قوله : ممن منع ، موصولة بمعنى الذي . وجوّز أبو البقاء أن تكون نكرة موصوفة . أن يذكر : يحتمل أن يكون مفعولاً ثانياً لمنع ، أو مفعولاً من أجله ، فيتعين حذف مضاف ، أي دخول مساجد الله ، أو ما أشبه ذلك ، أو بدلاً من مساجد بدل اشتمال ، أي ذكر اسم الله فيها ، أو مفعولاً على إسقاط حرف الجر ، أي من أن يذكر . فلما حذفت من انتصب على رأي ، أو بقي مجروراً على رأي . وكنى بذكر اسم الله عما يوقع في المساجد من الصلوات والتقرّبات إلى الله تعالى بالأفعال القلبية والقالبية ، من تلاوة كتبه ، وحركات الجسم من القيام