@ 314 @ الذي أصله تطير ، فأدغمت التاء في الطاء فاجتلبت همزة الوصل في الماضي والمصدر . وقرأ الجمهور ( طائركم ) على وزن فاعل وقرأ الجمهور ( ا~ن ذكرتم ) بهمزتين ، الأولى : همزة الاستفهام . والثالنية : همزة إن الشرطية ، فخففها الكوفيين وابن عامر . وسهلها باقي السبعة . وقرا زر بهمزتين مفتوحتين ، وهي قرأة أبو جعفر وطلحة إلا أنها لبناء الثانية بين بين . وقال الشاعر في تحقيقها : % ( أإن كنت داود بن أحوى مرحلا % فلست بداع لأبن عمك محرما ) % والماجشوني : وهو أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة المدني بهمزة واحدة مفتوحة . والحسن بهاء مكسورة . وأبو عمرو في رواية وزر أيضا بمدة قبل الهمزة المفتوحة . واستقل اجتماعهما ففصل بينهما بألف . وقرأ أبو جعفر أيضا والحسن أيضا وقتادة وعيسى الهمداني والأعمش ( أين ) بهمزة مفتوحة وياء ساكنة وفتح النون ظرف مكان . وروي هذا عن عيسى الثقفي أيضا . فالقراءة الأولى على معنى إن ذكرتم تتطيرون بجعل المحذوف مصب الاستفاهم على مذهب سيبوبة . ويجعله للشرط على مذهب يونس . فإن قدرته مضارعا كان مجزوما . والقراءة الثانية على معنى : ألأن ذكرتم تطيرتم فإن مفعول من أجله وكذلك الهمزة الواحدة المفتوحة ، والتي بمدة قبل الهمزة المفتوحة . وقراءة الهمزة المكسورة وحدها فحرف شرط بمعنى الإخبار . أي : إن ذكرتم تطيرتم . والقراءة الثانية الأخيرة ( أين ) فيها ظرف ، أداة الشرط حذف جزاؤه للدلالة عليه . وتقديره : أين ذكرتم صحبكم طائركم . ويدل عليه قوله ( طائركم معكم ) ومن جوز تقديم الجزاء على الشرط وهم الكوفيون وأبو زيد والمبرد يجوز أن يكون الجواب ( طائركم معكم ) وكان أصله : أين ذكرتم فطائركم معكم . فلما قدم حذفت الفاء . وقرأ الجمهور ( ذكرتم ) بتشديد الكاف . وأبو جعفر وخالد بن الياس وطلحة وحسن وقتادة وأبو حيوة والعمش من طريق زائدة والأصمعي عن نافع بتخفيفها ( بل أنتم قوم مسرفون ) مجاوزون الحد في ضلالكم فمن ثم أتاكم الشؤم : ( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ) اسمه : حبيب ، قاله ابن عباس ، وأبو مجلز ، وكعب الأحبار ، ومجاهد ، ومقاتل ، قيل : وهو ابن إسرائيل وكان قصارا . وقيل : كان ينحت الأصنام . ويمكن أن يكون جامعا لهذه الصنائع و ( من أقصى المدينة ) أي : من أبعد مواضعها ، فقيل : كان في خارج المدينة يعاني زرعا له . وقيل : كان في غار يعبد ربه وقيل : كان مجذوما فميز له أقصى باب من أبوابها عبد الأصنام سبعين سنة يدعوهم لكشف ضرة فلما دعاه الرسل إلى عبادة الله قال هل من آية ؟ قالوا نعم : ندعوا ربنا القادر يفرج عنك ما بك فقال : إن هذا لعجيب لي سبعون سنة أدعو هذه الآلهة فلم تستطع يفرجه ربكم في غداة واحدة . قالوا : نعم ، وربنا على ما يشاء قدير وهذه لا تنفع شيء ولا تضر فآمن ، ودعوا ربهم فكشف الله ما به كأن لم يكن به بأس ، فأقبل على التكسب فإذا مشى تصدق بكسبه ، نصف لعياله ، ونصف يطعمه . فلما هم قومه بقتل الرسل جاءهم فقال ( يا قوم اتبعوا المرسلين ) وحبيب هذا ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهما ستمائة سنة كما آمن به تبع الأكبر ، وورقة بن نوفل ، وغيرهما . ولم يؤمن بني غيره أحد إلا بعد ظهوره . وقال ابن أبي ليلى ' سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا قط طرفة عين علي بن أبي طالب ، وصاحب يس ومؤمن آلا فرعون ' . وأورد الزمخشري قول ابن أبي ليلى حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقدم قبل من حاله أنه كان مجذوما عبد الصنام سبعين فالله أعلم ' . وهنا تقدم ( من أقصى المدينة ) وفي القصص تأخر وهو من التفنن في البلاغة ( رجل يسعى ) يمشي على قدميه ( قال يا قوم اتبعوا المرسلين ) الظاهر أنه لا يقول ذلك إلا بعد تقدم إيمانه كما سبق في قصة . وقيل : جاء عيسى وسمع قولهم وفهمه فيما فهمه . روي : ' أنه تعقب أمرهم وسبره بان قال لهم : أتطلبون أجرا على دعوتكم ؟ قالوا : لا فدعا عند ذلك قومه إلى اتباعهم والإيمان بهم