@ 301 @ ( الآية كاملة ) .
لما ذكر حال المؤمنين ومقرهم ، ذكر حال الكافرين ، وهذا يدل على أن أولئك الثلاثة هم في الجنة ، { وَالَّذِينَ كَفَرُواْ } هم مقابلوهم ، { لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ } : أي لا يجهز عليهم فيموتوا ، لأنهم إذا ماتوا بطلت حواسهم فاستراحوا . وقرأ الجمهور : { فَيَمُوتُواْ } ، بحذف النون منصوباً في جواب النفي ، وهو على أحد معنيي النصب ؛ فالمعنى انتفى القضاء عليهم ، فانتفى مسببه ، أي لا يقضى عليهم ولا يموتون ، كقولك : ما تأتينا فتحدثنا ، أي ما يكون حديث ، انتفى الإتيان ، فانتفى الحديث . ولا يصح أن يكون على المعنى الثاني من معنى النصب ، لأن المعنى : ما تأتينا محدثاً ، إنما تأتي ولا تحدث ، وليس المعنى هنا : لا يقضى عليهم ميتين ، إنما يقضى عليهم ولا يموتون . وقرأ عيسى ، والحسن : فيموتون ، بالنون ، وجهها أن تكون معطوفة على لا يقضى . وقال ابن عطية : وهي قراءة ضعيفة . انتهى . وقال أبو عثمان المازين : هو عطف ، أي فلا يموتون ، لقوله : { وَلاَ * يُؤْذُونَ * لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } ، أي فلا يعتذرون ولا يخفف عنهم نوع عذابهم . والنوع في نفسه يدخله أن يحيوا ويسعدوا . قال ابن عطية : وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو : ولا يخفف بإسكان الفاء شبه المنفصل بالمتصل ، كقوله : .
فاليوم أشرب غير مستحقب .
وقرأ الجمهور : { نَجْزِى كُلَّ } ، مبنياً للفاعل ، ونصب كل ؛ وأبو عمرو ، وأبو حاتم عن نافع : بالياء مبنياً للمفعول ، كل بالرفع . { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ } : بني من الصرخ يفتعل ، وأبدلت من التاء طاء ، وأصله يصرخون ، والصراخ : شدة الصياح ، قال الشاعر : .
صرخت حبلى أسلمتها قبيلها .
واستعمل في الاستغاثة لجهة المستغيث صوته ، قال الشاعر : % ( وطول اصطراخ المرء في بعد قعرها % .
وجهد شقي طال في النار ما عوى .
) % .
{ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا } : أي قائلين ربنا أخرجنا منها ، أي من النار ، وردنا إلى الدنيا . { نَعْمَلْ صَالِحاً } قال ابن عباس : نقل : لا إله إلا الله ، { غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ } ، أي من الشرك ، ونمتثل أمر الرسل ، فنؤمن بدل الكفر ، ونطيع بدل المعصية . وقال الزمخشري : هل اكتفى بصالحاً ، كما اكتفى به في { فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً } ؟ وما فائدة زيادة { غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ } على أنه يوهم أنهم يعملون صالحاً آخر غير الصالح الذي علموه ؟ قالت : فائدته زيادة التحسر على ما عملوه من غير الصالح مع الاعتراف به ، وأما الوهم فزائل بظهور حالهم في الكفر وركوب المعاصي ، ولأنهم كانوا يحسنون صنعاً فقالوا : أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نحسبه صالحاً فنعمله . انتهى . روي أنهم يجابون بعد مقدار الدنيا : { أَوَ لَمْ * نُعَمّرْكُمْ } ، وهو استفهام