@ 300 @ التوبة ، عسى الله أن يتوب عليهم . وقوله : إما يعذبهم ، وإما يتوب عليهم ، ولقد نطق القرآن بذلك في مواضع من استقرأها اطلع على حقيقة الأمر ولم يعلل نفسه بالخداع . انتهى ، وهو على طريق المعتزلة . وقرأ الجمهور : { يُحَلَّوْنَ } بضم الياء وفتح الحاء وشد اللام ، مبنياً للمفعول . وقرىء : بفتح الياء وسكون الحاء وتخفيف اللام ، من حليت المرأة فهي حال ، إذا لبست الحلى . ويقال : جيد حال ، إذا كان فيه الحلى ، وتقدم في سورة الحج الكلام على { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } . وقرأ الجمهور : { الْحَزَنَ } بفتحتين ؛ وقرىء : بضم الحاء وسكون الزاي ، ذكره جناح بن حبيش ، والحزن يعم جميع الأحزان ، وقد خص المفسرون هنا وأكثروا ، وينبغي أن يحمل ذلك على التمثيل لا على التعيين ، فقال أبو الدرداء : حزن : أهوال يوم القيامة ، وما يصيب هنالك من ظلم نفسه من الغم والحزن . وقال سمرة بن جندب : معيشة الدنيا الخير ونحوه . وقال قتادة : حزن الدنيا في الحوفة أن لا يتقبل أعمالهم . وقال مقاتل : حزن الانتقال ، يقولونها إذا استقروا فيها . وقال الكلبي : خوف الشيطان . وقال ابن زيد : حزن : تظالم الآخرة ، والوقوف عن قبول الطاعات وردها ، وطول المكث على الصراط . وقال القاسم بن محمد : حزن : زوال الغم وتقلب القلب وخوف العاقبة ، وقد أكثروا حتى قال بعضهم : كراء الدار ، ومعناه أنه يعم كل حزن من أحزان الدين والدنيا حتى هذا . { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } ، لغفور : فيه إشارة إلى دخول لأنها دار إقامة دائماً لا يرحل عنها . { مِن فَضْلِهِ } : من عطائه . .
{ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } : أي تعب بدن ، { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } : أي تعب ، وهو لازم عن تعب البدن . وقال قتادة : اللغوب : الوضع . وقال الزمخشري : النصب : التعب والمشقة التي تصيب المنتصب المزاول له ، وأما اللغوب : فما يلحقه من الفتور بسبب النصب . فالنصب نفس المشقة والكلفة ، واللغوب نتيجته ، وما يحدث منه من الكلال والفترة . انتهى . فإن قلت : إذا انتفى السبب انتفى مسببه ، فما حكمه إذا نفي السبب وانتفى مسببه ؟ وأنت تقول : ما شبعت ولا أكلت ، ولا يحسن ما أكلت ولا شبعت ، لأنه يلزم من انتفاء الأكل انتفاء الشبع ، ولا ينعكس ، فلو جاء على هذا الأسلوب لكان التركيب لا يمسنا فيها إعياء ولا مشقة ؟ فالجواب : أنه تعالى بين مخالفة الجنة لدار الدنيا ، فإن أماكنها على قسمين : موضع يمس فيه المشاق والمتاعب كالبراري والصحارى ، وموضع يمس فيه الأعياء كالبيوت والمنازل التي فيها الصغار ، فقال : { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } ، لأنها ليست مظان المتاعب لدار الدنيا ؛ { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } : أي ولا نخرج منها إلى موضع نصب ونرجع إليها فيمسنا فيها الإعياء . وقرأ الجمهور : لغوب ، بضم اللام ، وعلي بن أبي طالب والسلمي : بفتحها . قال الفراء : هو ما يلغب به ، كالفطور والسحور ، وجاز أن يكون صفة للمصدر المحذوف ، كأنه لغوب ، كقولهم : موت مائت . وقال صاحب اللوامح : يجوز أن يكون مصدراً كالقبول ، وإن شئت جعلته صفة لمضمر ، أي أمر لغوب ، واللغوب أيضاً في غير هذا للأحمق . قال أعرابي أن فلاناً لغوب جاءت كتابي فاحتقرها ، أي أحمق ، فقيل له : لم أنثته ؟ فقال : أليس صحيفة ؟ .
{ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ وَهُم ( سقط : الآية كاملة )ْ } .