@ 267 @ ( سقط : خير وأبقى ، وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليهم لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ، وقالوا لولا يأتينا بآيه من ربه أولم تأتيه بينة ما في الصحف الأولى ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فتنبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ، قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتتدى ) .
قرأ الجمهور { يَهْدِ } الياء . وقرأ فرقة منهم ابن عباس والسلمي بالنون ، وبخهم تعالى وذكرهم العبر بمن تقدم من القرون ، ويعني بالإهلاك الإهلاك الناشىء عن تكذيب الرسل وترك الإيمان بالله واتباع رسله ، والفاعل ليهد ضمير عائد على الله تعالى ، ويؤيد هذا التخريج قراءة نهد بالنون ومعناه نبين وقاله الزجاج . وقيل : الفاعل مقدر تقديره الهدى والآراء والنظر والاعتبار . وقال ابن عطية : وهذا أحسن ما يقدر به عندي انتهى . وهو قول المبرد وليس بجيد إذ فيه حذف الفاعل وهو لا يجوز عند البصريين ، وتحسينه أن يقال الفاعل مضمر تقديره { يَهْدِ } هو أي الهدى . وقال أبو البقاء : الفاعل ما دل عليه { أَهْلَكْنَا } والجملة مفسرة له . قال الحوفي { كَمْ أَهْلَكْنَا } قد دل على هلاك القرون ، فالتقدير أفلم نبين لهم هلاك من { أَهْلَكْنَا } { مّنَ الْقُرُونِ } ومحو آثارهم فيتعظوا بذلك . .
وقال الزمخشري : فاعل { لَّمْ يَهْدِنِى } الجملة بعده يريد ألم يهد لهم هذا بمعناه ومضمونه ونظيره قوله تعالى { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الاْخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِى الْعَالَمِينَ } أي تركنا عليه هذا الكلام ، ويجوز أن يكون فيه ضمير الله أو الرسول انتهى . وكون الجملة فاعلاً هو مذهب كوفي ، وأما تشبيهه وتنظيره بقوله { تَّرَكْنَا * عَلَيْهِ فِى الاْخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِى الْعَالَمِينَ } فإن تركنا عليه معناه معنى القول فحكيت به الجملة كأنه قيل وقلنا عليه ، وأطلقنا عليه هذا اللفظ والجملة تحكي بمعنى القول كما تحكى بلفظه ، وأحسن التخاريج الأول وهو أن يكون الفاعل ضميراً عائداً على الله كأنه قال { أَفَلَمْ } يبين الله ومفعول يبين محذوف ، أي العبر بإهلاك القرون السابقة ثم قال { كَمْ أَهْلَكْنَا } أي كثيراً أهلكنا ، فكم مفعوله بأهلكنا والجملة كأنها مفسرة للمفعول المحذوف ليهد . .
وقال الحوفي : قال بعضهم هي في موضع رفع فاعل { يَهْدِ } وأنكر هذا على قائله لأن كم استفهام لا يعمل فيها ما قبلها انتهى . وليست كم هنا استفهاماً بل هي خبرية . .
وقال أبو البقاء : { يَهْدِ لَهُمْ } في فاعله وجهان أحدهما ضمير اسم الله تعالى أي ألم يبين الله لهم وعلق { يَهْدِ } هنا إذ كانت بمعنى يعلم كما علقت في قوله تعالى { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } انتهى . .
و { كَمْ } هنا خبرية والخبرية لا تعلق العامل عنها ، وإنما تعلق عنه الاستفهامية . وقرأ ابن السميفع : يُمَسُّون بالتشديد مبنياً للمفعول لأن المثنى يخلق خطوة بخطوة وحركة بحركة وسكوناً بسكون ، فناسب البناء للمفعول والضمير في { يَمْشُونَ } عائد على ما عاد عليه لهم وهم الكفار الموبخون يريد قريشاً ، والعرب يتقلبون في بلاد عاد وثمود والطوائف التي كانت قريش تمر عليها إلى الشام وغيره ، ويعاينون آثار هلاكهم و { يَمْشُونَ فِى مَسَاكِنِهِمْ } جملة في موضع الحال من ضمير { لَهُمْ } والعامل { * يهذ } أي ألم نبين للمشركين في حال مشيهم في مساكن من أهلك من الكفار . وقيل : حال من مفعول { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا } أي أهلكناهم غارين آمنين متصرّفين في مساكنهم لم يمنعهم عن التمتع والتصرف مانع من مرض ولا غيره ، فجاءهم الإهلاك بغتة على حين غفلة منهم به . .
{ إِنَّ فِى ذَلِكَ } أي في ذلك التبيين بإهلاك القرون الماضية { لاَيَاتٍ لاِوْلِى } أي العقول السليمة . ثم بين تعالى الوجه الذي لأجله لا يترك العذاب معجلاً على من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ) والكلمة السابقة هي المعدة بتأخير جزائهم في الآخرة قال تعالى : { الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } تقول : لولا هذه العدة لكان مثل إهلاكنا عاداً وثموداً لازماً هؤلاء الكفرة ، واللزام إما مصدر لازم وصف به وإما فعال بمعنى مفعل أي ملزم كأنه آلة للزوم ، ولفظ لزومه كما قالوا لزاز خصم . وقال أبو