@ 83 @ دلالة على أن من قاتل لنصر دين الله لا يخذل ولا يغلب لأن الله مولاه . وقال تعالى : { إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ } { إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } . .
{ سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ } أي هؤلاء الكفار ، وإنْ كانوا ظاهرين عليكم يوم أحد فإنا نخذلهم بإلقاء الرعب في قلوبهم . وأتى بالسين القريبة الاستقبال ، وكذا وقع . لألقى الله في قلوبهم الرّعب يوم أحد فانهزموا إلى مكة من غير سبب من المسلمين ، ولهم إذ ذاك القوة والغلبة . وقيل : ذهبوا إلى مكة ، فلما كانوا ببعض الطريق قالوا : ما صنعنا شيئاً قتلنا منهم ثم تركناهم ونحن قاهرون ، ارجعوا فاستأصلوهم ، فلما عزموا على ذلك ألقى الله الرّعب في قلوبهم فأمسكوا . والإلقاء حقيقة في الإجرام ، واستعير هنا للجعل ، ونظيره : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } ومثله قول الشاعر : % ( هما نفثا في فيّ من فمويهما % .
على النابح العاوي أشد رجام .
) % .
وقرأ الجمهور : سنلقي بالنون ، وهو مشعر بعظم ما يلقي ، إذ أسنده إلى المتكلم بنون العظمة . وقرأ أيوب السختياني : سيلقي بالياء جرياً على الغيبة السابقة في قوله : { وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ } وقدم في قلوبهم : وهو مجرور على المفعول للاهتمام بالمحل الملقى فيه قبل ذكر الملقى . وقرأ ابن عامر والكسائي : الرعب بضم العين ، والباقون بسكونها . فقيل : لغتان . وقيل : الأصل السكون ، وضم اتباعاً كالصبح والصبح . وقيل : الأصل الضم ، وسكن تخفيفاً ، كالرّسل والرسل . وذكروا في إلقاء الرعب في قلوب الكفار يوم أحد قصة طويلة أردنا أن لا نخلي الكتاب من شيء منها ، فلخصنا منها أن علياً أخبر الرسول بأن أبا سفيان وأصحابه حين ارتحلوا ركبوا الإبل وجنبوا الخيل ، فسرَّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ثم رجع الرسول إلى المدينة فتجهزوا تبع المشركين إلى حمراء الأسد . وأن معبد الخزاعي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ) وهو كافر ممتعض مما حل بالمسلمين ، وكانت خزاعة تميل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، وأن المشركين هموا بالرجوع إلى القتال فخذلهم صفوان بن أمية ومعبد . وقال معبد : خرجوا يتحرقون عليكم في جمع لم أر مثله ، ولم أر إلا نواصي خيلهم قد جاءتكم . وحملني ما رأيت أني قلت في ذلك شعراً وأنشد : % ( كادت تهد من الأصوات راحلتي % .
إذ سالت الأرض بالحرد الأبابيل .
) % % ( تردي بأسد كرام لا تنابله % .
عند اللقاء ولا ميل مهازيل .
) % % ( فظلت أعدو أظن الأرض مائلة % .
لما سموا برئيس غير مخذول .
) % .
إلى آخر الشعر ، فوقع الرعب في قلوب الكفار . وقوله : سنلقي ، وعد للمؤمنين بالنصر بعد أحد ، والظفر . وقال : { خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } وفيها دلالة على صدق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إذ أخبر عن الله بأنه يلقي الرعب في قلوبهم فكان كما أخبر به . .
{ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَاناً } الباء للسبب ، وما مصدرية : أي بسبب إشراكهم بالله آلهة لم ينزل بإشراكها حجة ولا برهاناً ، وتسليط النفي على الإنزال ، والمقصود : نفي السلطان ، أي آلهة لا سلطان في إشراكها ، فينزل نحو قوله : .
على لاحب لا يهتدى بمناره