والمِصَكّ : المِغْلاقُ قال اللَّيثُ : اجْتَمَعَ أَرْبَعَةٌ من الأَعْراب بِبابٍ فوُضِعت المائِدَةُ وأُغْلِقَ البابُ . فقال الأَوّلُ : .
" قد صُكّ دوني البابُ بالمصَكِّ وقال الثّانيِ : .
" ببابِ ساجٍ جَيِّدٍ حِنَكِّ وقال الثّالِثُ : .
" يا لَيتَه قد فُكَّ بالمِفَكِّ وقال الرابع : .
" فنَرِد الثَّرِيدَ غيرَ الشَّكِّ والصَّكِيكُ كأَمِيرٍ : الضِّعِيفُ عن ابنِ الأنْبارِيِّ حكاهُ الهَرَويُّ في الغَرِيبَيْنِ وهو فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُولٍ من الصَّكِّ : الضَّرب أي يُضْرَبُ كَثِيرًا لاسْتِضْعافِه وقد جاءَ ذِكْرُه في الحَدِيثِ . والصَّك : الكِتابُ مُعَرَّبٌ وهو بالفارِسِيَّةِ جكّ وهو الذي يُكْتَبُ للعُهْدَة أَصكٌّ وصُكُوكٌ وصِكاكٌ وكانت الأَرْزاقُ تُسَمَّى صِكاكًا لأَنّها كانَتْ تُخْرَجُ مَكْتُوبَةً ومنه الحَدِيث في النَّهي عن شِراءِ الصِّكاكِ والقُطُوطِ . وفي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ قال لمَروانَ : أَحْلَلْتَ بَيعَ الصِّكاك ؟ . وذلك أَنَّ الأمَراءَ كانُوا يَكتُبُونَ للنّاسِ بأَرْزاقِهِم وأَعْطِياتِهم كُتُبًا فيَبَيعُونَ ما فِيها قَبلَ أَنْ يَقْبِضُوها معَجَّلاً ويُعْطُونَ المُشْتَرِيَ الصَّكَّ ليَمْضِيَ ويَقْبِضَه فنُهُوا عن ذلِكَ ؛ لأَنَّه بيعُ ما لم يُقبَض . والصَّكَّةُ : شِدَّةُ الهاجِرَةِ وتُضافُ إِلى عُمَي يُقالُ : لَقِيتُه صَكَّةَ عُمَي وصَكَّةَ أَعْمَى وهو أَشَدّ الهاجِرَةِ حَرًّا وعُمَي : تَصْغِيرُ أَعْمَى مُرَخَّمًا قال اللِّحْيانيُ : هي أَشَدُّ ما يَكُونُ من الحَرِّ أي حِينَ كادَ الحَر يُعْمِي من شِدَّتِه وقالَ الفَرّاءُ : حينَ يَقُومُ قائمُ الظَّهِيرَةِ وزَعَمَ بعضُهم أَنَّ عُمَيًّا الحَرُّ بَعينِه وأَنْشَد : .
ورَدْتُ عُمَيًّا والغَزالَةُ بُرنُسٌ ... بفِتْيانِ صِدْقٍ فَوْقَ خُوصٍ عَياهِمِ وقالَ غيرُ هؤُلاءِ : عُمَيٌ : رَجُلٌ مِنْ عَدْوانَ كانَ يُفْتِي في الحَجِّ فأَقْبَلَ مُعْتَمِرا ومَعَه رَكْب حَتّى نَزَلُوا بعض المَنازِلِ في يَوْمٍ شَدِيد الحَر فقالَ عُمَيٌ : من جاءَتْ عليهِ هذه الساعَةُ مِن غَدٍ وهو حَرامٌ بَقِيَ حَرامًا إِلى قابِلٍ فوَثبَ النّاسُ إِلى الظَّهيَرةِ يَضْرِبُونَ أي : يَسِيرُونَ حَتّى وافَوا البَيتَ وبَينَهُم وبَينَه من ذلِكَ المَوْضِع لَيلَتانِ فضُرِب مَثَلاً فقِيل : أَتانا صَكَّةَ عُمَي : إِذا جاءَ في الهاجِرَةِ الحارَّةِ وفي ذلك يَقُولُ كَرِبُ بن جَبَلَةَ العَدْواني : .
وصَكَّ بِها نَحْرَ الظَّهِيرَةِ غائِرًا ... عُميٌ ولم يَنْعَلْنَ إلا ظِلالَها .
وجِئْنَ على ذاتِ الصّفاحِ كأنها ... نَعامٌ تَبَغَّى بالشَّظِي رِئالَها .
فطَوَّفْنَ بالبَيتِ الحَرامِ وقُضِّيَتْ ... مَناسِكُها ولم يَحُلَّ عِقالَها وقِيلَ : عُمَيٌ : اسمُ رَجُلٍ من العَمالِقَةِ كانَ مِغْوارًا فأَغارَ على قَومٍ في ظَهِيرَةٍ وصَكَّهُم صَكَّةً شَدِيدَةً فاجْتاحَهُم فصارَ مَثَلاً لكُلِّ من جاءَ ذلِكَ الوَقْت قال الصّاغانِي : وليعمر هذا القَوْلُ بثَبَتٍ والأَصْلُ : لقيتُه صَكَّةَ عَمًي أي : وَقْتَ ضَربَتِه فأُجْرِىَ مُجْرَى قولِهم : آتِيكَ خُفُوقَ النَّجْمِ ومَقْدمَ الحاجِّ وقِيل : عُمَيٌّ تَصْغِير أَعْمَى مُرَخَّمًا والمرادُ الظَّبى ؛ لأَنّهُ يَسدَرُ في الهَواجِرِ فيَصطَكُّ بما يَستَقْبِل قالَ يَصِفُ بَقَرةً مَسبُوعَة : .
" وأَقْبَلَتْ صَكَّةَ أَعْمَى خالِيَهْ .
" فلَم تَجِدْ إِلا سُلامَى دامِيَهْ لأَنَّ الوَدِيقَةَ في ذلك الوَقْتِ تَصُكُّ الظَّبىَ فيُطْرِق في كِناسِه كأنه أَعْمَى والصَّكَّةُ على هذا مضافَةٌ إِلى المَفْعُولِ وقال ابنُ فارِس في صَكَّةِ عُمَي : يُرادُ أَنَّ الأَعْمَى يَلْقَى مِثْلَه فيَصْطَكّانِ أي : يَصُكُّ كلٌّ منهما صاحِبَه : وقال : وذلك كلامٌ وَضَعُوه في الهاجِرَةِ وعِنْدَ اشْتِدادِ الحَرِّ خاصَّةً ويُروَى صَكَّة حُمًّى فُعَّل من حَمِيَتِ الشَّمسُ بوزْنِ غُزى مُنَوّنا ويُعاذ في الياءِ إِن شاءَ اللَّهُ تعالَى . والصّكاكُ كغُرابٍ : الهَواءُ مثلُ السُّكاكِ بالسِّينِ عن ابنِ عبّادٍ .
ومما يُستَدْرَكُ عليه :