ووَدِيعَةُ بنُ عَمرو الجُهَنِيُّ حَلِيفُ بنِي النَّجّارِ : صحابِيّانِ Bهما الأخِيرُ بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ .
ودَعْهُ أي : اتْرُكْهُ وأصْلُه ودَعَ يَدَعُ كوَضَعَ يَضَعُ كما في الصِّحاحِ ومنْهُ الحديثُ : دَعْ ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ وقالَ عمرو بنُ مَعْدِ يَكَرِبَ : .
إذا لمْ تَسْتَطِعْ أمْراً فدَعْهُ ... وجاوِزْهُ إلى ما تَسْتَطِعْ قالَ شَيْخُنا : اخْتَلَفَ أهْلُ النَّظَرِ هَلْ دَعْ وذَرْ مُتَرادِفَانِ أو مُتَخالِفانِ ؟ فذهَبَ قَوْمٌ إلى الأوَّلِ وهُوَ رَأْيُ أكْثَرِ أهْلِ اللُّغَةِ وذهَبَ أكْثَرُونَ إلى الفَرْقِ بَيْنَهُمَا فقالَ : دَعْ ويَدَعْ يُسْتَعْمَلانِ فيما لا يُذَمُّ مُرْتَكِبُه لأنَّه منَ الدَّعَةِ وهِيَ الرَّاحَةُ ولذا قيلَ لمُفَارَقَةِ النّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً : مُوَادَعَةٌ وعَدَمَ اعْتِدادٍ لأنَّهُ منَ الوَذْرِ وهُوَ قَطْعُ اللُّحَيْمَةِ الحَقِيرَةِ كما أشارَ إليهِ الرّاغِبُ فلذا قال تعالى : أتْدُعُونَ بَعْلاً وتَذَرُونَ أحْسَنَ الخالِقِينَ دُونَ تَدَعُونَ معَ ما فيهِ من الجِنَاسِ وقيلَ : دَعْ : أمْرٌ بالتَّرْكِ قَبْلَ العِلْمِ وذَرْ بَعْدَهُ كما نُقِلَ عن الرّازِيِّ قيلَ : وهذا لا يُساعِدُه اللُّغَةُ ولا الاشْتِقاقُ وقد أُمِيتَ ماضِيهِ لا يُقَالُ : وَدَعَهُ وإنَّمَا يُقَالُ في ماضِيهِ : تَرَكَهُ كما في الصِّحاحِ وزادَ : ولا وادِعٌ , ولكن تارِكٌ ورُبَّمَا جاءَ في ضَرُورَةِ الشِّعْرِ ودَعَهُ وهُوَ مَوْدُوعٌ على أصلهِ وقالَ الشّاعِرُ يُقَالُ : هُو أبو الأسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ كما قالَهُ ابنُ جِنِّي و الّذِي في العُبابِ أنَّه لأنَسِ بنِ زُنَيْمٍ اللَّيْثِيِّ ورَوى الأزْهَرِيُّ عن ابْنِ أخِي الأصْمَعِيِّ أنَّ عَمَّهُ أنْشَدَه لأنَس هذا : .
لَيْتَ شِعْرِي عن خَلِيلي ما الّذِي ... غالَهُ في الحُبِّ حتى وَدَعَهْ وآخرهُ : .
لا يَكُنْ بَرْقُكَ بَرْقاً خُلَّباً ... إنّ خَيرَ البَرْقِ ما الغَيْثُ مَعَهْ وقالَ ابنُ بَرِّيّ : وقدْ رُوِيَ البَيْتَانِ لهُمَا جَمِيعاً وقالَ خُفَافُ بنُ نُدْبَةَ : .
إذا ما اسْتَحَمَّتْ أرْضُه منْ سَمَائِهِ ... جَرَى وهُوَ مَوْدُوعٌ وواعِدُ مَصْدَقِ أي مَتْرُوكٌ لا يُضْرَبُ ولا يُزْجَرُ كما في الصِّحاحِ .
قلتُ : وفي كِتابِ تَقْوِيمِ المُفْسَدِ والمُزَالِ عن جِهَتِه لأبي حاتِمٍ أنّ الرِّوايَةَ في قَوْلِ أنَسِ بنِ زُنَيْمٍ السّابِقِ : غالَهُ في الوَعْدِ ومَنْ قالَ : في الوُدِّ فقد غَلِطَ وقالَ : كأنَّه كانَ وَعدَه شَيئاً . قلتُ : ويَدُلُّ لهذهِ الرِّوايَةِ البَيْتُ الّذِي بَعْدَهُ وقدْ تقَدَّمَ .
وقالَ ابنُ بَرِّيّ في قَوْلِ خُفَافٍ الّذِي أنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ مَوْدُوعٌ هُنا منَ الدَّعَةِ الّتِي هِيَ السُّكُونُ لا منَ التَّرْكِ كما ذكَرَ الجَوْهَرِيُّ أي : أنَّهُ جَرَى ولمْ يَجْهَدْ .
وفي اللِّسانِ : وَدَعَهُ يَدَعُهُ : تَرَكَه وهي شاذَّةٌ وكلامُ العَرَبِ دَعْنِي وذَرْنِي ويَدَعُ ويَذَرُ ولا يَقُولونَ : وَدَعَتُك ولا وَذَرْتُكَ اسْتَغْنَوا عنْهَا بتَرْكْتُكَ والمَصْدَرُ فيهما : تَرْكاً ولا يُقَالُ : وَدْعاً ولا وَذْراً وحكاهُمَا بَعْضُهُم ولا وادِعٌ وقدْ جاءَ في بَيْت أنْشَدَهُ الفارِسِيُّ في البَصْرِيّاتِ : .
فأيُّهُما ما أتْبَعَنَّ فإنَّنِي ... حَزِينٌ على تَرْكِ الّذِي أنا وادِعُ قالَ ابنُ بَرِّيّ : وقدْ جاءَ وادِعٌ في شِعْرِ مَعْنِ بنِ أوْسٍ : .
عليهِ شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصَا ... يُسَاجِلُهَا حَمّاتِه وتُسَاجِلُهْ وأنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لسُوَيْدٍ اليَشْكُرِيِّ يَصِفُ نَفْسَه : .
فسَعَى مَسْعاتَه في قَوْمِه ... ثُمَّ لمْ يُدْرِكْ ولا عَجْزاً وَدَعْ وأنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لآخر : .
سَلْ أمِيرِي ما الّذِي غَيَّرَه ... عنْ وِصالِي اليَوْمَ حتى وَدَعَهْ وأنْشَدَ الحافِظُ بنُ حَجَرٍ في الفَتْحِ : .
ونَحْنُ وَدَعْنَا آلَ عَمْرو بنِ عامِرٍ ... فَرَائِسَ أطْرَافِ المُثَقَّفَةِ السُّمْرِ