والإِجْمَاعُ أَي إِجْمَاعُ الأُمَّةِ : الإِتِّفَاقُ يقال : هذا أَمْرٌ مُجْمَعٌ علَيْه : أَيْ مُتَّفَقٌ عليه . وقالَ الرّاغِبُ : أَي اجْتَمَعَتْ آرَاؤُهُمْ علَيْه .
والإِجْمَاعُ : صَرُّ أَخْلافِ النَّاقَةِ جُمَعَ يُقَالُ : أَجْمَعَ النّاقَةَ وأَجْمَعَ بها وكَذلِكَ أَكْمَشَ بِهَا .
وقالَ أَبُو الهَيْثَمِ : الإِجْمَاعُ : جَعْلُ الأَمْرِ جَمِيعاً بَعْدَ تَفَرُّقِهِ . قالَ : وتَفَرُّقُهُ أَنَّهُ جَعَلَ يُدِيرُهُ فَيَقُولُ مَرَّةً أَفْعَلُ كَذَا وَمَرَّةً أَفْعَلَ كَذا فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ مُحْكَم أَجْمَعَهُ أَيْ جَعَلَهُ جَمِيعاً قالَ : وكَذلِكَ يُقَالُ : أَجْمَعْتُ النَّهْبَ والنَّهْبُ : إِبِلُ القَوْمِ الَّتِي أَغارَ عَلَيْهَا اللُّصُوصُ فكَانَتْ مُتَفَرَّقةً في مَرَاعِيهَا فجَمَعُوها مِن كُلِّ ناحِيَة حَتَّى اجْتَمَعَتْ لَهُمْ ثُمَّ طَرَدُوهَا وسَاقُوها فإِذا اجْتَمَعَتْ قِيلَ : أَجْمَعُوها وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ حُمُراً : .
فكَأَنَّهَا بالجِزْعِ بَيْنَ نُبَايِعٍ ... وأُولاَتِ ذِي العَرْجاءِ نَهْبٌ مُجْمَعُ وقالَ ابنُ عَبّادٍ : الإِجْمَاعُ : الإِعْدادُ يُقَالُ : أَجْمَعْتُ كَذَا أَيْ أَعْدَدْتُهُ . قُلْتُ : وهُوَ قَوْلُ الفَرّاءِ .
والإِجْمَاعُ أَيْضاً : التَّجْفِيفُ والإِيباسُ ومِنْهُ قَوْلُ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ : .
وأَجْمَعَتِ الهَوَاجِرُ كُلَّ رَجْعِ ... مِنَ الأَجْمَادِ والدَّمَثِ البَثَاءِ أَجْمَعَتْ أَيْ أَيْبَسَتُ . والرَّجْعُ : الغَدِيرُ . والبَثَاءُ : السَّهْلُ .
والإِجْمَاعُ : سَوْقُ الإِبِلِ جَمِيعاً وبه فُسِّرَ أَيْضاَ قَوْلُ أِبِي ذُؤَيْبٍ .
وقالَ الفَرّاءُ : الإِجْماعُ : العَزْمُ علَى الأَمْرِ والإِحْكَامُ عَلَيْه . تَقُولُ : أَجْمَعْتُ الخُرُوجَ وأَجْمَعْتُ عَلَيْه وبه فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى : " فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً " قالَ : ومَنْ قَرَأَ فاجْمَعُوا فمَعْنَاه لا تَدَعُوا شَيْئاً مِنْ كَيْدِكُمْ إِلاّ جِئْتُم به . وفي صَلاةِ المُسَافِرِ ما لَمْ أُجْمِعْ مُكْثاً أَيْ ما لَمْ أَعْزِم عَلَى الإِقَامَةِ . وأَجْمَعْتُ الرَّأْيَ وأَزْمَعْتُه وعَزَمْتُ عَلَيْه : بمَعْنىً . ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عَن الكِسَائِيّ يُقَالُ : أَجْمَعْتُ الأَمْرَ وعَلَيْهِ إِذا عَزَمْتَ عَلَيْهِ . زادَ غَيْرُه . كأَنَّهُ جَمَعَ نَفْسَهُ له . والأَمْرُ مُجْمَعٌ زادَ الجَوْهَرِيّ : ويُقَالُ أَيْضاً : أَجْمِعْ أَمْرَكَ ولا تَدَعْهُ مُنْتَشِراً . قال الشّاعِرُ وهو أَبُو الحَسْحاسِ : .
تُهِلُّ وتَسْعَى بالمَصَابِيحِ وَسْطَها ... لَهَا أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفَرَّقُ مُجْمَعُ وقالَ آخَرُ : .
" يا لَيْتَ شِعْرِي والمُنَى لا تَنْفَعُ .
" هَلْ أَغْدُونْ يَوْماً وأَمْرِي مُجْمَعُ ؟ وأَنْشَدَ الصّاغَانِيّ لذِي الإِصْبَع العَدْوَانِيّ : .
وأَنْتُمُ مَعْشَرٌ زَيْدٌ عَلَى مِائَةٍ ... فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ طُرّاً فِكيدُونِي وقَالَ الرّاغِبُ : وأَكْثَرُ ما يُقَالُ فِيما يَكُونُ جُمْعاً يُتَوَصَّلُ إِلَيْهِ بالنَّكِرَة .
وقال الكِسَائيُّ : المُجْمِعُ كمُحْسِنٍ : العَامُ المُجْدِبُ لاجْتِمَاعِهِمْ في مَوْضِعِ الخِصْب . وقَوْلُهُ تَعَالَى : " فأَجْمِعُوا أَمْركُمْ " قالَ ابنُ عَرَفَةَ : أَيْ اعْزِمُوَ عَلَيْه . زادَ الفَرّاءُ : وأَعِدُّوا له . وقالَ أَبُو الهَيْثَمِ : أَي اجْعَلُوهُ جَمِيعاً . وأَمَّا قَوْلُه : وشُرَكَاءَكُمْ فقالَ الجَوْهَرِيُّ : أَيْ : وَادْعُوَ شُرَكَاءَكُمْ وهو قَوْلُ الفَرّاءِ وكَذلِكَ قِرَاءَةُ عَبْدِ الله ونُصِبَ شُرَكَاءكُم كُم بفِعْلٍ مُضْمَرٍ لأَنَّه لا يُقَالُ : أَجْمِعُوا شُرَكَاءَكم . ونَصُّ الجَوْهَرِيّ : لأَنَّهُ لا يُقَالُ : أَجْمَعْتُ شُرَكَائِي إِنِّمَا يُقَالُ : جَمَعْتُ . قال الشاعِرُ : .
يا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحَاً