ويَوْمُ الجُمْعَةِ بالضَّمّ لُغَةُ بَنِي عُقَيْلٍ وبِضَمَّتَيْنِ وهي الفُصْحَى والجُمَعَة كهُمَزَةٍ لُغَةُ بَني تَمِيمٍ وهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا والأَعْمَشِ وسَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ وابْنِ عَوْفٍ وابْنِ أَبِي عبْلَةَ وأَبِي البَرَهْسَمِ وأَبِي حَيْوَةَ . وفي اللّسَانِ : قَوْلُه تَعالَى : " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ " خَفَّفَها الأَعْمَشُ وثَقَّلَهَا عاصِمٌ وأَهْلُ الحِجَاز والأَصل فيها التَّخْفِيفُ . فَمَنْ ثَقَّلَ أَتْبَعَ الضَّمَّةَ ومَنْ خَفَّفَ فعَلَى الأَصْلِ والقُرَّاءُ قَرَأُؤهَا بالتَّثْقِيل .
والَّذِينَ قالُوا : الجُمَعَةَ ذَهَبُوا بها إِلَى صِفَةِ اليَوْمِ أَنَّهُ يَجْمَعُ النّاسَ كَثِبراً كَمَا يُقَالُ : رَجُلٌ هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ ضُحَكةٌ : م أَي مَعْرُوفٌ سُمِّيَ لأَنّهَا تَجْمَعُ النّاسَ ثُمّ أَضِيفَ إِلَيْهَا اليَوْمُ كدَارِ الآخِرَةِ . وزَعَمَ ثَعْلَبٌ أَنّ أَوَّلَ مَنْ سَمَاهُ به كَعْبُ ابنُ لُؤَيٍّ وكانَ يُقَال لَهَا : العَرُوبَةَ . وذَكَر السُّهَيْلِيّ في الرَّوْضِ : أَنَّ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ أَوّلُ مَنْ جَمَّع يَوْمَ العَرُوبَةِ ولَمْ تُسَمَّ العَرُوبَةُ الجُمْعَةَ إِلاّ مُذْ جاءَ الإِسلامُ وهو أَوَّلُ مَنْ سَمّاها الجُمُعَةَ فكانَتْ قُرَيْشٌ تَجْتَمِعُ إِلَيْهِ في هذَا اليَوْمِ فَيَخْطُبُهُمْ ويُذَكِّرُهُم بمَبْعَثِ سَيَّدنا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ويُعْلِمُهُمْ أَنَّهُ مِن وَلَدِهِ ويَأْمُرُهُمْ بإتِّبَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ والإِيمانِ به . ويُنْشِدُ فِي هذا أَبْيَاتاً منها : .
يا لَيْتَنِي شَاهِدٌ فَحْوَاءَ دَعْوَتِهِ ... إِذا قُرَيْشٌ تُبَغِّى الحَقَّ خِذْلاناً قُلْتُ : ورُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَيْضاً : إِنَّمَا سُمِّي يَوْمَ الجُمَعَةِ لأَنَّ قُرَيْشاً كانَتْ تَجْتَمِعُ إِلَى قُصَىٍّ في دارِ النَّدْوَةِ والجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِهِ هذا والَّذِي تَقَدَّم ظاهِرٌ . وقالَ أَقْوَامٌ : إِنَّمَا سُمِّيَت الجُمُعَةَ في الإِسْلام وذلِكَ لاجْتِمَاعِهِم في المَسْجِدِ وفي حَدِيثِ الكَشِّىّ أَنَّ الأَنْصَارَ سَمَّوْهُ جُمُعَةً لاِجْتِمَاعِهِم فيه . ورُوِيَ عَن ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أَنَّهُ قالَ : إِنَّمَا سَمِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لأَنّ اللهَ تَعَالَى جَمَعَ فيه خَلْقَ آدَمَ عَلَيْه السَّلامُ وأَخْرَجَه السُّهَيْلِي في الرَّوْضِ مِن طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيّ .
فائدَةٌ : قالَ اللِّحْيَانِي : كَانَ أَبُو زِيَادٍ وأَبُو الجَرّاحِ يَقُولانِ : مَضتِ الجُمُعَةُ بِمَا فِيهَا فيُوَحِّدانِ ويُؤَنِّثَانِ وكانَا يقُولانِ : مَضَى السَّبْتُ بما فيه ومَضَى الأَحَدُ بِمَا فيه فيُوَحِّدَانِ ويُذَكِّرَان . واخْتَلَفا فِيمَا بَعْدَ هذا فكانَ أَبُو زِيَادٍ يَقُولُ : مَضَى الاثْنانِ بِمَا فيه ومَضَى الثّلاثاءُ بما فيه وكَذلِكَ الأَرْبَعَاءُ والخَمِيس . قالَ : وكانَ أَبُو الجَرَّاحِ يَقُول : مَضَى الاثْنَانِ بما فيهما ومَضَى الثلاثاءُ بما فيهِنَّ ومَضَى الأَرْبَعَاءُ بما فِيهِنَّ ومضَي الخَميسُ بما فيهنَّ فيَجْمَعُ ويُؤَنِّثُ يُخْرِجُ ذلِكَ مُخْرَجَ العَدَدَ .
قالَ أَبُو حاتِمٍ : مَنْ خَفَّفَ قالَ في ج : جُمَعٌ كصُرَدٍ وغُرَفٍ وجُمْعات بالضم وبضمتين كغُرْفات وَغُرُفات وتُفْتَحُ المِيمُ في جَمْعِ الجُمَعَة كهُمَزَةٍ : قَالَ : ولا يَجُوزُ جُمْعٌ في هذا الوَجْه .
ويُقَالُ : آَدامَ الله جُمْعَةَ مَا بَيْنَكُمَا بالضَّمِّ كما يُقَالُ : أُلْفَةَ ما بَيْنَكُمَا قالَهُ أَبُو سَعِيدٍ