ولِهذَا المَعْنَى وَقَعَ الاخْتِلافُ في تَعْيِينِهَا فَقِيلَ : إِنَّهَا الصُّبْحُ وهُوَ قَوْلٌ عِليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ في رِوَايَةِ عنه وابْنِ عَبّاسٍ أَخْرَجُهُ في المُوطَّإِ بَلاغاً وأَخْرَجَهُ التِّرْمِذيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابْنِ عُمَرَ تَعْلِيقاً . ورُوِيَ عن جَابِرٍ وابن مُوسَى وجَمَاعَةٍ من التَّابِعِينَ وإِلَيْه مالَ الإِمامُ مالِك وصَحَّحَه جَماعةٌ من أَصْحابِهِ وإِلَيْه مَيْلُ الشافِعيّ فِيما ذَكَرَ عنه القُشَيْرِيّ أَو الظُّهْرُ وهوَ قَوْلُ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ وأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ وعُبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وعائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَو العَصْرُ وهُوَ قَوْلُ عَليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ في رِوَايَةٍ وابْنِ عَبّاسٍ وابنِ عُمَرَ في رِوَايَةِ عَنْهُمَا وأَبِي هُرَيْرَةَ وأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ وأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيّ وعائِشَةَ وحَفْصَةَ وأُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ الله عَنْهُم وجَمَاعَةٍ من التّابِعِينَ مِنْهُم الحَسَنُ البَصْرِيّ وهو اخْتِيارُ أَبِي حَنِيفَةَ وأَصْحَابِهِ وقَالَهُ الشافِعِيُّ وأَكْثَرُ أَهْلِ الأَثَرِ وهُوَ رِوايَةٌ عَنْ مالِكٍ وصَحَّحَه عَبْدَ المَلِكِ بنُ حَبِيبٍ واخْتَارَهُ ابنُ العَرَبِيّ في قَبَسِهِ وابنُ عَطِيَّةَ في تَفْسِيرِهِ وصَحَّحَهُ الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ أَو المَغْرِبُ قالَه قَبِيصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ ومَكْحُولٌ أَو العِشَاءُ حَكاهُ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبدِ البَرِّ عَنْ جَماعَةٍ أَو الوِتْر نَقَلَه الحافِظُ الدِّمْيَاطِيّ واختاره السَّخاوِيّ المقرئُ أَو الفِطْرُ نَقَلَهُ الحَافِظُ الدِّمْيَاطِيّ أَو الضُّحَى حَكاه بَعْضُهُم وتَرَدَّد فِيهِ أَو الجَمَاعَة نَقَلَهُ الحافِظُ الدّمْيَاطِيّ أَو جَمِيعُ الصَّلُواتِ المَفْرُوضاتِ وهُوَ قَولُ مُعَاذٍ بنِ جَبَلٍ نَقَلهُ القُرْطُبِيُّ أَو الصُّبْحُ والعُصْرُ مَعاً قالَهُ أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ .
أَوْ صَلاةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وهُوَ قَوْلُ نافِعٍ والرَّبِيعِ بن خُثَيْمٍ أَو العِشَاءُ والصُّبْحُ مَعاً رُوِيَ ذلِكَ عَنْ عُمَرَ وعُثْمانَ أَو صَلاَةُ الخَوْفِ نَقَلَه الحافِظُ الدِّمْيَاطِيّ أَو الجُمْعَةُ في يُوْمِها وفي سائِرِ الأَيّامِ الظُّهْرُ رُوِيَ ذلِكَ عَنْ عَلِيّ نَقَلَه ابنُ حَبيب أَو المُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الطُّولِ والقِصَرِ وهذا القَوْلُ قَدْ رَدَّهُ أَبُو حَيَّانَ في البَحْرِ أَوْ كُلٌّ مِنَ الخَمْسِ لأَنَّ قَبْلَهَا صَلاتَيْنِ وبَعْدَهَا صَلاتَيْنِ .
قال شَيْخُنا : وحَاصِلُ ما عُدَّ مِنَ الأَقْوَالِ تِسْعَةَ عَشَر قَوْلاً والمَسْأَلَةُ خَصَّها أَقْوَامُ من المُحَدِّثِينَ والفُقَهاءِ وغَيْرِهِمْ بالتَّصْنِيفِ واتَّسَعَتْ فيها الأَقْوَالُ وزَادَتْ على أَرْبَعِينَ قَوْلاً فما هذَا الَّذِي ذَكَرَهُ وَافِياً ولا بالنِّصْفِ مِنْهَا مع أَنَّهُمْ عَزَوا الأَقْوَال لأَرْبَابِهَا واعْتَنَوْا بِفَتْحِ بابِها . وصَحَّحَ أَرْبَابُ التَّحْقِيقِ أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ كَلَيْلةٍ القَدْرِ والاسْمِ الأَعْظَمِ وساعَةِ الجُمُعَةِ ونَحْوِها مِمّا قُصِدَ بإِبهامِها الحَثُّ والحَضُّ والاعْتِنَاءُ بِتَحْصِيلها لِئَلاّ يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْ أَنْظَارِهَا . وأَنْشَدَ شَيْخُنَا الإِمامُ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ المسناويّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ : .
" واُخْفِيَتِ الوُسْطَى كساعَةِ جُمْعَةٍكَذَا أَعْظَمُ الأَسْماءِ مَعْ لَيْلَةِ القَدْرِ ولَمْ يَلْتَفِتِ العارفُونَ المُتَوَجِّهُونَ إلى اللهِ تَعَالَى إلى شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ وأَخَذُوا في الجِدّ والاجْتِهاد نَفَعَنا الله بِهِمْ .
قُلْتُ : ولِكُلِّ قَوْلٍ مِنْ هذِهِ الأَقَوالِ المَذْكُورَةِ دَلِيلٌ وتَوْجِيهٌ مَذْكُورٌ فِي مَحَلَّه وأَقَوَى الأَقْوَال ثَلاثةٌ : العَصْرُ والصُّبْحُ والجَمُعَةُ كما في البصائِر .
قال ابنُ سِيدَه في المُحْكَم : مَنْ قَالَ هِيَ غَيْرُ صَلاةِ الجُمُعَةِ فقَدْ أَخْطَأَ إِلاَّ أَنْ يَقُولَهُ بِرِوَايَةِ مُسْنَدَةٍ إِلىَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم انْتَهَى