قال ابن بَرِّيّ : قال ثعلبٌ : اجتمعتٌ مع ابن سَعْدان الرّاوية فقال لي : أسْألكَ ؟ قلت : نعم قال : ما مَعْنى قول الشاعر . وذكرَ هذا البيت : فقلتُ له : المَعْنى أنّ الجَدْبَ يُفْقِرهُ ويُميتُ إبله فيقلّ كلامُه ويذلّ وإذا صارت له إشْرارةٌ من الإبلِ صارَ برْبارا وكثُر كلامهُ .
من المجاز : أشرَّه : أظْهرَهٌ قال كعْبُ بن جُعيْل وقيل : إنه للحُصيْن بن الحُمَامِ المُرِّيّ يذكُر يوم صفِّين : .
فما بَرِحُوا حتّى رَأى اللهُ صبْرَهُم ... وحتَّى أُشِرِّتْ بالأكُفِّ المَصَاحِفُ أي نُشرتْ وأُظْهرتْ قال الجوهريّ والأصمعيّ : يروي قولُ امرِيءِ القيْسِ .
تجاوزْتُ أحْراساً إليها ومَعْشَراً ... عليَّ حِراصاً لوْ يُشِرُّون مقْتَلي على هذا قال : وهو بالسِّينِ أجودُ قلت : وقد تقَدَّم في مَحَلِّه . وأشَرَّ فُلاناً : نَسَبه إلى الشَّرِّ وأنكره بعضُهم كذا في اللِّسان وقال طَرفةُ : .
فما زالَ شُرْبي الراّحَ حتَّى أشَرَّني ... صديقي وحَتَّى ساءني بعضُ ذلِكا والشَّرّانُ ككَتّان : دوابُّ كالبعُوضِ يغْشى وجْه الإنسان ولا يَعَضُّ وتُسميه العربُ الأذى واحدتُها شرّانةٌ بهاءٍ لغةٌ لأهْلِ السّوادِ كذا في التهذيب . والشَّراشِرُ : النَّفْسُ يقال : ألْقى عليه شراشِره أي نفْسه حرْصاً ومحبَّة كما في شَرْح المصنِّف لديباجة الكشّاف وهو مجازٌ . والشَّراشِرُ : الأثقالُ الواحد شُرْشُرَةٌ يقال : الْقى عليه شراشره أي أثقاله . ونقل شيخُنا عن كشْف الكَشّاف : يقال : ألْقى عليه شَراشِره أي ثقلْه وجُمْلته والشَّراشِرُ : الأثقال ثم قال : ومن مذْهبِ صاحب الكَشّاف أن يجْعَلَ تكرُّر الشيْءِ للمبالغةِ كما في زلْزلَ ودْمدم وكأنَّه لثقلِ الشَّرِّ في الأصل ثم استعمل في الإلْقاءِ بالكلّية شَرّاً كان أو غيره . انتهى .
قال سيْخُنا : وقوله ومن مذْهب صاحبِ الكَشّاف إلى آخره هو المشهور في كلامه والأصل في ذلك لأبي عليٍّ الفارسيّ وتلميذه ابن جِنِّى وصاحبُ الكَشّاف إنما يقءتدى بهما في أكثر لُغاته واشتقاقاته ومع ذلك فقد اعترض عليه المصنِّف في حواشيه على ديباجةِ الكَشّاف بأن ما قاله غيْرُ جيد لأن مادة شرشر ليست موضوعة لضدِّ الخيْرِ وإنما هي موضوعةٌ للتَّفَرقِ والإنتشار وسُميت الأثقال لتفرّقِها . انتهى .
والشَّراشِرُ : المحَبَّة وقال كُراع : هي محبَّةُ النفْسِ . قيل : هي جميعُ الجَسَدِ ومن أمثالِ الميدانيّ ألْقى عليه شراشِرهُ وأجْرانه وأجْرامه كلُّها بمعنىً . وقال غيره : ألقى شَراشِره : هو أن يُحبَّه حتّى يَسْتْهلكَ في حُبه . وقال اللِّحْيانيّ : هو هواهُ الذي لا يُريدُ أن يدَعَه من حاجِته قال ذو الرُّمة : .
وكائنْ تَرى من رَشْدَة في كَريهةٍ ... ومنْ غَيَّةٍ تُلْقى عليها الشَّرَاشِرُ قال ابنث بَرّيّ : يُريدُ : كم تَرى من مُصيب في اعتقادٍ ورأْى وكم ترى من مُخْطيءِ في أفْعاله وهو جادٌّ مجتهدٌ في فِعْل ما لا ينْبغي أن يُفْعل يُلْقي شراشِرَه على مقابحِ الأمور وينْهمكُ في الاستكْثارِ منها . وقال الآخرُ : .
ويُلْقى عليهِ كلَّ يَوْمِ كرِيهةٍ ... شَراشِرُ من حَيَّيْ نزار وألْبُب الألْبُب : عُروقٌ مُتَّصلة بالقلْب يقال ألقى عليه بناتِ ألْببه إذا أحبّه وأنشد ابن الأعرابيّ : .
وما يدْرِي الحريصُ علامَ يُلْقي ... شَرَاشِره أيُخْطيءُ أم يُصيبُ والشَّراشِرُ من الذَّنَب . ذباذبُه أي أطرافه وكذا شراشِرُ الأجنحة : أطرافُها قال : .
فعويْنَ يسْتعْجِلْنَه ولَقينَه ... يضْرِبْنه بشَراشِرِ الأذْنابِ