تقول : لا أَفْعَلُ وربِّ الأثْبِرَةِ الغُبْرِ وهو جَمْعُ ثَبِير وثَبِيرُ الأثْبِرَةِ قيل : هو أعظمُها وثَبِيرُ الخَضْراءِ وثَبِيرُ النِّصْعِ بالكَسْر كأَنَّه لبَياضِ فيه وهو جبلُ المُزْدَلِفَةِ وثَبِيرُ الزِّنْج قيل : سُمِّيَ به لأنّ الزِّنج كانوا يجتمهون عنده لَلَهْوِهم ولَعِبِهم وثَبيرُ الأُعْرَجِ هكذا في النُّسَخ وفي بعض الأُصول : الأَعْوَج وثَبِيرُ الأحْدَبِ قيل : هو المرادُ في الأحَادِيثِ المُخْتَلَفُ فيه : هل هو عن يَمِين الخارِجِ إِلى عَرَفةَ في أثناءِ مِنىً أو عن يَسارِه ؟ وفيه ورد : " أشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ " وثَبِيرُ غَيْنَاءَ بالغَيْن المُعْجَمة وهي قُلَّةٌ على رَأْسِه : جِبالٌ بظاهِرِ مكةَ شَرَّفَها اللهُ تعالَى أي خارِجاً عنها . وقولُ ابنِ الأثيرِ وغيرِه : بمكَّةَ إِنَّمَا هو تَجَوُّزٌ أي بقُرْبِها .
قال شيخُنَا : ذَكَرُوا أنّ ثَبِيراً كان رجلاً مِن هُذَيْل مات في ذلك الجَبَل فعُرِفَ به قيل : كان فيه سُوقٌ من أسواقِ الجاهليّة كعُكَاظ وهو على يَمِين الذاهِبِ إلى عَرَفَةَ في قول النَّوَوِيِّ وهو الذي جَزَمَ به عِياضٌ في المَشَارِقِ وتَبِعَه تلميذُه ابنُ قرقول في المَطَالع وغيرُهما أو على يَسارِه كما ذَهَب إليه المُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ومَن وافَقَه وانْتَقَدُوه وصَوَّبُوا الأوَّلَ حتى ادَّعَى أقوامٌ أنّهُمَا ثَبِيرَانِ : أحدُهما عن اليَمِين والآخَرُ عن اليَسَارِ واستَبْعَدُوه . وفي المَراصِد والأساس : الأثْبِرَةُ : أربعةٌ . قلتُ : وقد عَدَّهم صاحبُ اللِّسان هكذا : ثَبِيرُ غَيْنَاءَ وثَبِيرُ الأعْرَجِ وثَبِيرُ الأحْدَبِ وثَبِيرُ حِرَاءَ وقال أبو عُبَيْدٍ البكريُّ : وإذا ثُنِّيَ ثَبِيرٌ أُرِيدَ بهما ثَبِيرٌ وحِرَاءٌ . وقال أبو سعيدٍ السُّكَّرِيُّ في شرح ديوانِ هُذَيْلٍ في تفسيرِ قول أَبي جُنْدَب : .
لقد عَلِمَتْ هُذَيْلٌ أن جَارِي ... لَدَى أَطْرافِ غَيْنَا مِن ثَبِيرِ . قال : غَيْنَا : غَيْضَةٌ كثيرةُ الشَّجَرِ . وثَبِيرٌ : ماءَةٌ بدِيارِ مُزَيْنَةَ أقْطَعَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ تعالَى عليه وسلَّم شَرِيسَ بنَ ضَمْرَةَ المُزَنِيَّ حِين وَفَدَ عليه وسَأَلَه ذلك وسَمَّاه شُرَيْحاً وهو أوَّلُ مَن قَدِمَ بِصَدَقاتِ مُزَيْنَةَ . والمَثْبِرُ كمَنْزِلٍ : المَجْلِسُ وهو مستعارٌ مِن مَثْبِرِ النَّاقَةِ .
المَثْبِرُ : المَقْطَعُ والمَفْصِلُ . المَثْبِرُ : المَوْضِعُ الذي تَلِدُ فيه المرأَةُ وفي حديثِ حَكِيمِ بنِ حِزَامِ : أنَّ أُمَّه وَلَدَتُه في الكَعْبَة وأنّه حُمِلَ في نِطْع وأُخِذَ ما تحت مَثْبِرِها فغُسِل عند حَوْضِ زَمْزَمَ . المَثْبِرُ : مَسْقَطُ الوَلَدِ أو تَضَعُ النّاقَةُ مِن الأرضِ وليس له فِعْلٌ . قال ابن سِيدَه : أُرَي إنَّما هو من باب المخْدَعِ . وفي الحديث : " أَنَّهُم وجدوا النّاقَةَ المُنْتِجَةَ تَفْحَصُ في مَثْبِرِهَا " .
المَثْبِرُ أيضاً : مَجْزِرُ الجَزُورِ وفي بعض النُّسَخ : ويُجْزَرُ فيه الجَزُورُ . قال نُصَيْرٌ : مَثْبِرُ النَاقةِ أيضاً حيث تُنْحَرُ . قال أبو منصور : وهذا صَحِيح ومِن العَرَب مسموعٌ ورُبَّمَا قِيل لمَجْلِسِ الرَّجلِ : مَثْبِر . وقال ابنُ الأثِير : وأكثرُ ما يُقَال في الإبل . وثَبِرَتِ القَرْحَةُ كفَرِحَ : انْفَتَحَتْ ونَفِجَتْ وسالَتْ مِدَّتُهَا . وفي حديث مُعَاوِيَةَ : " أَنَّ أبا بُرْدَةَ قال : دَخلتُ عليه حِينَ أصابَتْه قَرْحَةٌ فقال : هَلُمَّ يا ابنَ أَخِي فانْظُرْ قال : فنظرتُ فإذا هي قد ثَبِرَتْ فقلتُ : ليس عليكَ بَأْسٌ يا أميرَ المؤمنين . واثْبارَرْتُ عنه : تَثَاقَلْتُ وكذا ابْجَارَرْتُ وقد تقدَّم كذا في نَوادِر الأعراب .
يُقَال : هو عَلَى صِيرِ أمرٍ وثِبَارِ أَمْرٍ ككِتَابٍ أي على إشْرَافٍ مِن قَضَائِه .
ومّما يُستدرك عليه : الثَّبْرَةُ : النُّقْرَةُ تكونُ في الجَبَل تُمْسِكُ الماءَ يَصْفُو فيها كالصَّهْرِيج إذا دَخَلَها الماءُ خَرَجَ فيها عن غُثائِه وصَفَا قال أبو ذُؤَيْب : .
فَثَجَّ بها ثَبَراتِ الرِّصَا ... فِ حتَّى تَفَرَّقَ رَنْقُ المَدَرْ