من المَجَاز : البَصِيرَةُ : الشّاهِدُ عن اللِّحْيَانِيِّ وحَكَى : اجْعَلْنِي بَصِيرةً عليهم بمَنْزِلَةِ الشَّهِيدِ قال : وقوله تعالى : " بل الإنسانُ على نَفْسِه بَصِيرَةٌ " قال ابن سِيدَه : له مَعْنَيَانِ إنْ شِئتَ كان الإنسانُ هو البَصِيرَةَ على نفسِه أي الشاهِدَ وإن شِئتَ جعلتَ البَصِيرَة هنا غيرَه فعَنَيتَ به يَدَيْه ورِجْلَيْه ولِسَانه لأن كلَّ ذلك شاهِدٌ عليه يومَ القيامة وقال الأخْفَشُ : " بل الإنسانُ على نفسِه بَصِيرة " جَعَلَه هو البَصِيرَةَ كما تقولُ للرِّجل : أنتَ حُجَّةٌ على نفسِكَ . وقال ابنُ عَرَفَةَ : " على نَفْسِه بَصِيرَة " أي عليها شاهِدٌ بعَمَلِها ولول اعتذَر بكلِّ عُذْرٍ ويقول : جَوارِحُه بَصِيرةٌ عليه أي شُهُودٌ . وقال الفّرّاءُ : يقول : على الإنسان من نفسِه رُقَباءُ يَشْهدُون عليه بعَمَله اليَدانِ والرِّجْلان والعَيْنَان والذَّكَر وأنشدَ : .
كَأَنَّ على ذِي الظَّنِّ عَيْناً بَصِيرَةً ... بِمَقْعَدِه أو مَنْظَرٍ هو ناظِرُهْ .
يُحَاذِرُ حتى يَحْسَبَ النّاسَ كلَّهم ... مِن الخَوْف لا تَخْفَى عليهم سَرائِرُهْ . وفي الأساس : اجْعَلْنِي بَصِيرةً عليهم أي رَقِيباً وشاهِداً وقال المصنِّف في البَصائر : وقال الحَسَن : جَعَلَه في نَفْسِه بَصِيرَةً كما يقال : فلانُ جُودٌ وكَرَمٌ فهنا كذلك لأن الإنسانَ ببدِيهةِ عَقْلِه يَعْلَمُ أنَّ ما يُقَرِّبُه إلى الله هو السَّعادةُ وما يُبعِدُه عن طاعتِه الشَّقاوَةُ وتأْنيثُ البَصِيرِ لأن المراد بالإنسان ها هنا جَوَارِحُه وقيل : الهاءُ للمبالغة كعَلاّمةٍ ورَاوِيَةٍ .
من المَجاز : لَمْحٌ باصِرٌ أي ذو بَصَرٍ وتَحْدِيقٍ على النَّسَب كقَولهم : رجلٌ تامِرٌ ولابِنٌ أي ذو تَمْرٍ وذو لَبَنٍ فمعنى باصِرٍ ذو بَصَرٍ وهو من أبْصَرْتُ مثلُ مَوْتٍ ومائِتٍ من أَمَتُّ وفي المُحْكَم : أراه لَمْحاً باصِراً أي أمراً واضحاً . وقال اللَّيْث : رأى فلانٌ لَمْحاً باصِراً أي أَمراً مَفْرُوغاً عنه .
والبَصْرَةُ بفتحٍ فسكونٍ وهي اللُّغَة العاليةُ الفُصْحَى : بَلَدٌ م أي معروفٌ وكانت تُسَمَّى في القديم تَدْمُرَ والمُؤْتَفِكَةَ لأنها ائْتَفَكَتْ بأَهْلِهَا أي انقَلَبَتْ في أول الدَّهرِ قالَه ابن قَرقُول في المَطَالع : ويقال لها : يقال البُصَيْرَةُ بالتَّصْغير وقال السّمْعَانِيُّ : يقال للبَصْرَةِ : قُبَّةُ الإسْلامِ وخِزَانةُ العَربِ بَناها عُتْبَةُ بنُ غَزْوانَ في خلافة عُمَر Bه سنةَ سبعَ عشرَةَ من الهِجْرَة وسَكَنَها النّاسُ سنةَ ثمانِ عشرَةَ ولم يُعْبَدِ الصَّنَمُ قَطُّ على ظَهْرِ أَرْضِها كذا كان يقولُ أبو الفضلِ عبدُ الوهّاب بنُ أحمدَ بنِ مُعَاوِيَةَ الواعظُ بالبَصْرة كما تلقّاه منه السمعاني ويُكْسَرُ يُحَرَّكَ ويُكْسَرُ الصّادُ كأَنّها صفَةٌ فهي أَربعُ لُغَاتٍ : الأَخِيرتانِ عن الصّغانِيّ وزاد غيرُه الضَّمَّ فتكونُ مُثَلَّثَةً والنِّسبةُ إليها بِصْرِيٌّ بالكسر وبَصْرِيٌّ الأُولَى شاذَّةٌ قال عُذافر : .
بَصْرِيَّةٌ تَزَوَّجَتْ بَصْريّا ... يُطْعِمُهَا المالِحَ والطَّرِيَّا . وقال الأُبّيُّ في شَرْح مُسْلمٍ نَقْلاً عن النَّوَوِيّ : البَصْرَةٌ مُثَلَّثَة وليس في النَّسَب إلا الفَتْحُ والكَسْرُ وقال غيرُه : البَصْرَهُ : البَصْرَةُ مُثَلَّثَة كما حَكَاه الأزهريُّ والمشهورُ الفَتْحُ كما نَبَّه عليه النَّوَوِيُّ .
وفي مَشَارِق القاضِي عِيَاضٍ : البَصْرَةُ : مدينةٌ معروفةٌ سُمِّيَتْ بالبَصءر مُثَلَّثاً وهو الكَذَّانُ كان بها عند اخْتِطاطِها واحدُهَا بَصْرَةٌ بالفتح والكسر وقيل : البَصْرَةُ : الطِّيْنُ العَلِكُ إذا كان فيه جِصٌّ وكذا أرضُ البَصْرَةِ . أو مُعَرَّبُ بَسْ راهْ أ كَثِيرُ الطُّرُقِ فمعنى بَسء كَثِيرٌ ومعنَى راهْ طَرِيقٌ وتعبيرُ المصنِّفِ به غيرُ جَيِّدٍ فإن الطُّرُقَ جَمْعٌ وراهْ مُفْرَدٌ إلاّ أن يقال إنه كان في الأصل بَسْ راهها فحُذِفَتْ علامةُ الجمعِ كما هو ظاهِرٌ