البَحْرُ : الرِّيفُ وبه فَسَّر أبو عليٍّ قولَه عزَّ وجلَّ : " ظَهَرَ الفَسَادُ في البَرِّ والبَحْرِ " لأنّ البحرَ الذي هو الماءُ لا يظهرُ فيه فسادٌ ولا صَلاحٌ . وقال الأزهريُّ : معنى هذه الآيةِ : أجْدَبَ البَرُّ وانقطعتْ مادَّةُ البحرِ بذُنُوبِهِم كان ذلك لِيَذُوقُوا الشِّدَّةَ بذُنُوبِهم في العاجِلِ . وقال الزَّجّاج : معناه ظَهَرَ الجَدْبُ في البَرِّ والقَحْطُ في مُدُنِ البَحْرِ التي على الأنهار وقولُ بعضِ الأغفال : .
وأدَمَتْ خُبْزِي من صُيَيْرِ ... مِن صِيْرِ مِصْرَيْنِ أبو البُحَيْرِ . قال : يجوزُ أن يَعْنِى بالبُحَيْرِ البَحْرَ الذي هو الرِّيف فصغَّره للوزن وإقامة القافية ويجوزُ أن يكونَ قَصَدَ البُحَيْرَةَ فرَخَّمَ اضطراراً .
البَحْرُ : عُمْقُ الرَّحِمِ وقَعْرُهَا ومنه قيل للدَّم الخالِصِ الحُمْرَةِ : باحِرٌ وبَحْرَانِيٌّ وسيأْتي .
البَحْرُ في كلامِ العرب : الشَّقُّ ويقال : إنّما سُمِّيَ البَحْرُ بَحْراً لأنه شَقَّ لمائه في الأرض شَقّاً وجَعَلَ ذلك الشَّقَّ لمائهِ قَرَاراً وفي حديث عبد المُطَّلِبِ : " وحَفَرَ زَمْزَمَ ثُمَّ بَحَرَهَا بَحْراً " أي شَقَّها ووسَّعَها حتى لا يُنْزَفَ .
منه البَحْرُ : شَقُّ الأُذُنِ . قال ابنُ سِيدَه : بَحَرَ النّاقَةَ والشّاةَ يَبْحَرُها بَحْراً : شَقَّ أُذُنَهَا بِنِصْفَيْن وقيل بنصفَيْن طُولاً . ومنه البَحِيرَةُ كسَفينة كانوا إذا نُتِجَتِ النّاقةُ أو الشّاةُ عَشَرَةَ أبْطُنٍ بَحَرُوها فلا يُنتفَعُ منها بلَبَنٍ ولا ظَهْرٍ وتَرَكُوها تَرْعَى وتَرِدُ الماءَ وحَرَّمُوا لَحْمَهَا إذا ماتَتْ على نسائِهم وأكَلَهَا الرِّجالُ فنَهَى الله تعالَى عن ذلك فقال : " مَا جَعَلَ اللهُ مِن بَحِيرَةٍ ولا سائِبَةٍ ولا وَصِيلَةٍ ولا حامٍ " . البَحِيرَةُ هي التي خُلِّيَتْ بلا راعٍ . أو هي التي إذا نُتِجَتْ خمْسةَ أبْطُنٍ والخامِسُ ذَكَرٌ نَحَرُوه فأكَلَه الرِّجالُ والنِّسَاءُ وإن كان الخامسُ وفي بعض النُّسَخ : كانت أُنْثَى بَحْرُوا أُذُنَهَا أي شَقُّوها وفي بعض النُّسَخ : نَحَرُوا بالنُّون أي خَرَقُوا فكان حَراماً عليهم لَحْمُهَا ولَبَنُهَا ورُكُوبُها فإذا ماتَتْ حَلَّتْ للنِّسَاءِ وهذا الأخيرُ من الأقوال حَكَاه الأزهَرِيُّ عن ابنِ عرَفَه أو هي ابنةُ السّائِبَة وقد فُسِّرَت السّائبةُ في مَحَلِّهَا وهذا قولُ الفَرّاءِ . قال الجوهريُّ : وحُكْمُهَا حُكْمُ أُمِّها أي حُرِّم منها ما حُرِّم من أُمِّها . أو هي أي البَحِيَرةُ في الشَّاءِ خاصّةً إذا نُتِجَتْ خمسةَ أبْطُنٍ فكان آخرُهَا ذكراً بُحِرَتْ أي شُقَّ أُذُنُهَا وتُرِكَتْ فلا يَمَسُّهَا أحدٌ . قال الأزهريُّ : والقولُ هو الأولُ . وقال أبو إسحَاقَ النحويُّ : أثْبتُ ما رَوَيْنَا عن أهلِ اللغةِ في البَحِيرَةِ أنّها الناقةُ كانت إذا نُتِجَتْ خمسةَ أبْطُن فكان آخرُهَا ذَكَراً بَحَرُوا أُذُنَها أي شَقُّوهَا وأعْفَوْا ظَهْرَها من الرُّكوبِ والحَمْل والذَّبْح ولا تُحَلأُ عن ماءٍ تَرِدُه ولا تُمنَعُ من مَرْعىً وإذا لَقِيَها المُعْيِي المُنْقَطَعُ به لم يَركبها وجاءَ في الحديث : " أوّلُ مَن بَحَرَ البَحَائِرَ وحَمَى الحَامِيَ وغَيَّرَ دينَ إسماعيلَ عَمْرُو بنُ لُحَيِّ بنِ قَمَعَةَ بنِ خِنْدِف . وهي الغَزِيرةُ أيضاً وأنشدَ شَمِرٌ لابنِ مُقْبِل : .
" فيه مِن الأخْرَجِ المُرْتاعِ قَرْقَرَةٌهَدْرَ الدَّيَامِيِّ وَسْطَ الهَجْمَةِ البُحُرِ . قال : البُحُر : الغِزَار والأخرجُ المُرْتَاعُ : المُكّاءُ