وفي التهذيب : وقد حَرْفٌ يُوجَبُ به الشيءُ كقولك قد كان كذا وكذا والخبر أَن تقول : كان كذا وكذا فاُدْخِلَ قَدْ توكيداً لتصديق ذلك قال : وتكون قدْ في موضعٍ تُشبِه رُبَّما وعندها تَمِيلُ قَدْ إِلى الشَّكّ وذلك إِذا كانت مع الياءِ والتاءِ والنون والأَلف في الفِعْل كقولك : قد يكون الذي تقول . انتهى . وفي البصائر للمصنِّف : ويجوزُ الفَصْل بينه وبين الفِعْل بالقَسَمِ كقولك : قد والله أَحْسَنْت وقد لَعَمْرِي بتّ ساهراً . ويجوز طَرْحُ الفِعْل بَعَدَهَا إِذَا فُهِم كقولِ النابعة : .
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا ... لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالنَا وكَأَنْ قَدِ أَي كأَن قَدْ زَالَت وانتهى . وفي اللسان : وتكون قَدْ مثل قَطْ بِمنزلة حَسْب تقول : مالَك عندي إِلاَّ هذا فَقَدْ أَي فَقَطْ حكاه يَعقوبُ وزعم أَنه بَدَلٌ . وقَوْلُ الجَوْهَرِيِّ : وإِنْ جَعَلْتَهُ اسْماً شَدَّدْتَه فتقول كتَبْتُ قَدًّا حَسَنَةً وكذلك كَيْ وهُو ولَوْ لأَن هذه الحروف لا دَلِيلَ على ما نَقَص منها فيَجِبُ أَن يُزَادَ في أَواخِرِهَا ما هو جِنْسها وتُدْغَم إِلاَّ في الأَلف فإنك تَهْمِزُها ولو سمَّيْتَ رَجُلاً بلا أَوما ثم زِدْت في آخِره أَلفاً هَمَزْتَ لأَنك تُحَرِّك الثانِيةَ والأَلف إِذا تَحَرَّكَتْ صارَتْ هَمزةً هذا نصُّ عبارةِ الجوهريِّ وهو مَذْهَب الأَخفشِ وجَمَاعَةٍ من نُحَاةِ البَصْرَةِ ونَقلَه المُصِّنف في البصائر له وأَقرَّه وقال ابنُ بَرِّيٍّ : وهذا غَلَطٌ منه وإِنَّما يُشَدَّدُ ما كانَ آخِرُه حَرْفَ عِلَّةٍ . وعبارةُ ابنِ بَرِّيٍّ : إِنما يكون التَّضْعِيفُ في المُعْتَلِّ تَقُولُ في هُو اسم رجل : هذا هُوّ وفي لَوْ : هذا لَوْ وفي في هذا فِيّ وإِنَّمَا شُدِّدَ لئلاَّ يَبْقَى الاسمُ على حَرْف واحد لسكون حَرْفِ العِلَّةِ مع التَّنْوِينِ وأَمِّا قَدْ إِذا سَمَّيْتَ بها تَقولُ هذا قَدٌ ورأَيتُ قَداً ومررتُ بِقَدٍ في مَنْ : هذا مَنٌ في عَنْ هذا عَنٌ بالتخفيفِ في الكُلِّ . إلا غير ونظيره يدوم وشبهه تقول : هذه يَدٌ ورأَيتُ يَداً ومررْت بِيَدٍ وقد تَحَامَلَ شيخُنَا هنا على المُصَنِّف ونَسبه إِلى القُصور وعَدمِ الاطِّلاعِ على حَقِيقةِ مَعْنَى كلام الجوهريّ ما يقضي به العَجَب سامَحه اللهُ تعالى وتجاوز عن تَحامُله .
ومما يستدرك عليه : القِدُّ بالكسر : الشيْءُ المَقْدُودُ بَعَيْنِه . والقِدُّ : النَّعْلُ لم يُجَرَّد من الشَّعَر ذكرهما المُصنّف في البصائر له . قلت : وفي اللسان بعد إِيراد الحَدِيث لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكم إِلى آخره : وقال بعضُهم : يجوز أَن يكون القِدُّ النَّعْلَ سُمِّيت قِدًّا لأَنها تُقَدُّ مِن الجِلْدِ وروى ابنُ الأَعرابيّ : .
" كسِبْتِ اليَمَانِي قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ بالجيمِ أَي لم يُجَرَّد من الشَّعْرِ فيكون أَلْيَنَ له ومن روَى : قَدُّه بالفتح ولم يُحَرَّد بالحاءِ أَراد : مِثَالُه لم يُعَوَّج والتحّرِيد : أَن تَجْعَلَ بعضَ السَّيْرِ عَريضاً وبعضَه دَقيقاً وقد تَقَدَّم في موضعه . والمَقَدُّ بالفتح : مَشَقُّ القُبُل . وقولُ النابِغَة .
" ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ فِي المَجْدِ لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ قال أَبو عُبيد : هما رَجلانِ في بني أَسَدٍ . وفي حديث أُحُدٍ : كان أَبو طَلْحَةَ شَدِيدَ القَدِّ إِنْ رُوِيَ بالكَسر فيريد به وَتَرَ القَوْسِ وإِن رُوِيَ بالفتح فهو المَدُّ والنَّزْعُ في القَوْسِ وقول جَريرٍ : .
" إِنَّ الفَرَزْدَقَ يَا مِقْدَادُ زَائِرُكُمْيا وَيْلَ قَدٍّ عَلى مَنْ تُغْلَقُ الدَّارُ