بمذهب عالم المدينة وإمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحي Bه على جاري عادته المتقدمة في ذلك وأن يضاف إليه تدريس قبة الصالح والأنظار الشاهد بها توقيعه الشريف وأن لا يقرر أحد في دروس المالكية من مدرس ومعيد إلا بتعيينه على أتم العوائد وأجملها وأعم القواعد وأكملها .
فليعد إلى رتبته السنية برفيع قدره وعلي همته ويقابل إحساننا بالشكر نتحفه بمزيد الإقبال إذ لا زيادة في العلو على رتبته ثم أول ما نوصيه به ونؤكد القول عليه بسببه تقوى الله التي هي ملاك الأمور كلها وأولى المفترضات في عقد الأمور وحلها فهي العصمة التي من لجأ إليها نجا والوقاية التي ليس لمن حاد عنها من لحاق قوارع الله ملتجا ونتبع ذلك بالتلويح إلى الاحتياط في المسائل التي تفرد بها مذهبه الشريف ضيقا وسعة واختص بها إمامه الأصبحي دون غيره من الأئمة الأربعة وهي مسائل قليلة آثارها في الورى كثيرة جليلة منها سفك دم المنتقص والساب وتحتم قتله على البت وإن تاب فعليه أن يأخذ في ذلك بالاهتمام ولا يعطي رخصة في حق أحد من الأنبياء والملائكة عليهم السلام ليكون ذلك وسيلة إلى الخلوص عن القذى وذريعة إلى سلامة الشرف الرفيع من الأذى إلا أنا نوصيه بالتثبت في الثبوت وأن لا يعجل بالحكم بإراقة الدم فإنه لا يمكن تداركه بعد أن يفوت ومنها الشهادة على الخط وإحياء ما مات من كتب الأوقاف والأملاك وتقريب ما شط فلا يقبل فيه إلا اليقظ الواقف مع تحققه دون حدسه ولا يطلق عنان الشهود فإن الكاتب ربما اشتبه عليه خط نفسه ومنها ثبوت الولاية للأوصياء فيجريها على اعتقاده ولكن إذا ظهرت المصلحة في ذلك على وفق مراده ومنها إسقاط غلة الوقف إذا استرد بعد بيعه مدة بقائه في يد المشتري تحذيرا من الإقدام